آصرته العقيدة المتميزة وعنوانه القيادة الإسلامية .. لا بد أن يميزوا أنفسهم من المجتمع الجاهلي وأن يميزوا قيادتهم من قيادة المجتمع الجاهلي أيضا!
إن اندغامهم وتميعهم في المجتمع الجاهلي، وبقاءهم في ظل القيادة الجاهلية يذهب بكل السلطان الذي تحمله عقيدتهم وبكل الأثر الذي يمكن أن تنشئه دعوتهم وبكل الجاذبية التي يمكن أن تكون للدعوة الجديدة
وهذه الحقيقة لم يكن مجالها فقط هو الدعوة النبوية في أوساط المشركين .. إن مجالها هو مجال هذه الدعوة كلما عادت الجاهلية فغلبت على حياة الناس .. وجاهلية القرن العشرين لا تختلف في مقوماتها الأصلية، وفي ملامحها المميزة عن كل جاهلية أخرى واجهتها الدعوة الإسلامية على مدار التاريخ.
والذين يظنون أنهم يصلون إلى شئ، عن طريق التميع في المجتمع الجاهلي والأوضاع الجاهلية والتدسس الناعم من خلال تلك المجتمعات ومن خلال هذه الأوضاع بالدعوة إلى الإسلام .. هؤلاء لا يدركون طبيعة هذه العقيدة ولا كيف ينبغي أن تطرق القلوب! ..
إن أصحاب المذاهب الإلحادية أنفسهم يكشفون عن عنوانهم وواجهتهم ووجهتهم أفلا يعلن أصحاب الدعوة إلى الإسلام عن عنوانهم الخاص؟ وطريقهم الخاص؟
وسبيلهم التي تفترق تماما عن سبيل الجاهلية؟) اهـ
[ولنعد إلى السياق]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا لا ملائكة نُوحِي إِلَيْهِمْ فلست بدعا من الرسل حتى يستغرب الناس بعثتك مِنْ أَهْلِ الْقُرى أي المدن لأنهم أحلم وأرق طباعا وألطف، وأكثر ألفة وتألفا لكثرة العشرة والخلطة، فإرسالك إذن على نفس السنة أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي من الأمم المكذبة للرسل كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، فمن نظر اعتبر وآمن. فالله عزّ وجل يلفت نظر هؤلاء إلى مجموعة سنن له من تأملها آمن، وانتفى ريبه وشكه برسالة رسول الله وبالكتاب المنزل عليه، وفي الوقت نفسه فمن نظر وتدبر عاقبة الماضين في نجاة المؤمنين وإهلاك الكافرين اتعظ وآمن وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الله، بفعل طاعته واجتناب معصيته أَفَلا تَعْقِلُونَ عن الله آياته وسننه،
ثم بين الله سنته في نصرة رسله أنها لا تأتي بسرعة، وفي قصة يوسف عليه السلام نموذج حَتَّى إِذَا