للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد هاتين الملاحظتين فلنبدأ عرض قصة موسى عليه السلام:

...

[التفسير]

وَإِذْ أي واذكر إذ نادى رَبُّكَ أي دعا ربك مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أي الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، وبنى إسرائيل بالاستعباد، وذبح الأولاد

قَوْمَ فِرْعَوْنَ هم القوم الظالمون أَلا يَتَّقُونَ أي ائتهم زاجرا فقد آن لهم أن يتقوا دل ذلك على أن المهمة الأولى للرسول هي تربية التقوى في قلوب الناس، فمن لم يبدأ بتربية التقوى، أو لم يعرف كيف يربي عليها من الدعاة إلى الله لا يكون وارثا للرسول

قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ الخوف هو: غم يلحق الإنسان لأمر سيقع

وَيَضِيقُ صَدْرِي بتكذيبهم إياي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي بأن تغلبني الحمية على ما أرى من المحال، وأسمع من الجدال فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ أي أرسل إليه جبريل واجعله نبيا يعينني على الرسالة، وكان هارون بمصر حين بعث موسى وأوحي إليه عند الطور، ولم يكن هذا الالتماس من موسى عليه السلام توقفا في الامتثال، بل التماس عون في تبليغ الرسالة. قال النسفي: وتمهيد العذر في التماس المعين على تنفيذ الأمر ليس بتوقف في امتثال الأمر، وكفى بطلب العون دليلا على التقبل لا على التعلل

وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ أي تبعة تعللا بقتل من قتلته فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ أي قصاصا به. قال النسفي:

وليس هذا تعللا أيضا بل استدفاع للبلية المتوقعة، وفرق من أن يقتل قبل أداء الرسالة.

وهكذا شكا موسى إلى الله عزّ وجل كل الاحتمالات الصعبة التي يتوقع أن تواجهه.

وهذا يدل على تقدير صحيح منه عليه السلام للموقف الذي يواجهه. ومن ثم فإن كل من يقوم بشأن الدعوة إلى الله عليه أن يقدر الموقف الذي يمكن أن يجابهه، ويطلب من الله العون والله معين،

وقد وعد موسى بالحفظ والدفع عنه: قالَ كَلَّا كلمة ردع لما ستدفعه موسى من بلاء وهم، وهي هاهنا وعد، وعده الدفع بكلمة الردع ليردعه عن الخوف ثم قال: فَاذْهَبا أي أنت وهارون، دل ذلك على أنه استجاب دعاء موسى بالإرسال إلى هارون بِآياتِنا أي مع آياتنا وهي اليد والعصا وغير ذلك، وهذا يفيد أن كل رسول يعطى من الآيات ما به تقوم الحجة إِنَّا مَعَكُمْ أي معكما بالعون والنصرة، ومع من أرسلتما إليه بالعلم والقدرة مُسْتَمِعُونَ أي سامعون

فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ ولم يثن الرسول هنا كما ثناه في سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>