للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاله، وقلبه، واعتقاده وسلوكه وجهاده فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وإذا كان الأمر كذلك فما للإنسان يطلب إحداهما دون الأخرى، والتي يطلبها أخسها.

وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً سميعا للأقوال، بصيرا بالأفعال، وهو وعد ووعيد.

وإذ استقرت معاني مالكيته وقدرته وثوابه في الدنيا والآخرة، يصدر الله أمره بالعدل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ. أي: كونوا مجتهدين في إقامة العدل حتى لا تجوروا. شُهَداءَ لِلَّهِ. أي: مقيمين شهادتكم لوجه الله وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ. أي: ولو كانت الشهادة على أنفسكم أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ.

أي: ولو كانت الشهادة على آبائكم وأمهاتكم وأقاربكم. إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما. أي: إن يكن المشهود عليه غنيا فلا يمنعنكم غناه عن الشهادة عليه طلبا لرضاه، أو كان المشهود عليه فقيرا فلا يمنعكم فقره من الشهادة عليه ترحما عليه، لأن الله أولى بالأغنياء والفقراء بالرعاية للجميع والرحمة للجميع. أما أنتم فواجبكم إقامة شهادة الحق.

فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا. أي: فلا يحملنكم الهوى والعصبية والبغض أو الحب عن العدول عن الحق إلى الباطل، أو من أن تتركوا العدل إلى الجور. وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً اللي: الحرف، والإعراض: الترك والمنع.

والمعنى: وإن تلووا عن شهادة الحق، أو حكومة العدل، بتحريف الشهادة والحكم، أو تعرضوا عن الشهادة بما عندكم بمنعكم الشهادة وتركها، وعدم أدائها، فإن الله خبير بعملكم فيجازيكم عليه. قال عليه الصلاة والسلام: «خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها».

[فائدة]

شهادة الإنسان على نفسه هي الإقرار على نفسه، لأنه في معنى الشهادة عليها بإلزام الحق، والدعوى والشهادة والإقرار تشترك جميعها في الإخبار عن حق لأحد على أحد. غير أن الدعوى: إخبار عن حق لنفسه على الغير، والإقرار: إخبار عن حق للغير على نفسه، والشهادة: إخبار عن حق للغير على الغير، والشهادة فرض ..

[كلمة في سياق المقطع]

بدأ المقطع بذكر الحق، وانتهى بذكر العدل وإقامة الشهادة. وبين الحكم بالحق الذي هو

<<  <  ج: ص:  >  >>