فعلم وعلم، ومثل من لم برفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذين أرسلت به» ورواه مسلم والنسائي).
١٢ - وعند قوله تعالى كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ يقول الألوسي:(لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ نعم الله تعالى، ومنها تصريف الآيات، وشكر ذلك بالتفكر فيها، والاعتبار بها وخص الشاكرين لأنهم المنتفعون بذلك، وقال الطيبي:
ذكر «لقوم يشكرون» بعد «لعلكم تذكرون» من باب الترقي لأن من تذكر آلاء الله تعالى عرف حق النعمة فشكر، وهذا كما قال- غير واحد-: مثل لمن ينجح فيه الوعظ والتنبيه من المكلفين، ولمن لا يؤثر فيه شئ من ذلك. أخرج ابن المنذر وغيره عن ابن عباس أن قوله سبحانه وتعالى وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ الخ مثل ضربه الله تعالى للمؤمنين يقول: هو طيب وعمله طيب والذي خبث إلى آخره مثل للكافر يقول هو خبيث وعمله خبيث.
وإيثار خصوص التمثيل بالأرض الطيبة والخبيثة استطراد عقيب ذكر المطر وإنزاله بالبلد وموازنة بين الرحمتين كما في الكشاف، وفيه إشارة إلى معنى ما ورد في صحيح مسلم عن عياض المجاشعي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته عن الله عزّ وجل «إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم)
[كلمة في السياق]
رأينا أن محور السورة هو قوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وفي هذا المقطع رأينا ثلاث فقرات: في الفقرة الأولى قصة آدم، وفي الفقرة الثانية التوجيهات الرئيسية الأربعة لبني آدم، والتي تذكرنا بالعبرة من قصة آدم، وفي آخر هذه التوجيهات الإشارة إلى القاعدة التي هي محور سورة الأعراف. وفيها تفصيل لما أعده الله للكافرين والمؤمنين بما يتفق مع محور السورة، وفي الفقرة الأخيرة تذكير بهذا القرآن وبوجوه من الإعجاز فيه، وهو الصيغة النهائية الأخيرة للهدى المنزل من الله على البشرية وتذكير بالله ونعمه، وأمر للإنسان بالتضرع والتذلل والعبادة، وترك الإفساد في الأرض، ومثل للناس في موقفهم من الهدى المنزل عليهم، وكل ما في هذا المقطع يستجيش الإنسان ويهيجه لاتباع ما أنزل الله، ويخوفه من الكفر بما أنزل،