قال الألوسي في سورة الشرح: وآيها ثمان بالاتفاق. وهي شديدة الاتصال بسورة الضحى، حتى إنه روي عن طاوس وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا يقولان: هما سورة واحدة .. والحق أن مدار مثل ذلك، الرواية لا الدراية، والمتواتر: كونهما، سورتين والفصل بينهما بالبسملة. نعم هما متصلتان معنى جدا).
وقال صاحب الظلال:(نزلت هذه السورة بعد سورة الضحى، وكأنها تكملة لها، فيها ظل العطف الندي. وفيها روح مناجاة الحبيب للحبيب، وفيها استحضار مظاهر العناية، واستعراض مواقع الرعاية، وفيها البشرى باليسر والفرج، وفيها التوجيه إلى سر اليسر وحبل الاتصال الوثيق .. ).
[كلمة في سورة ألم نشرح ومحورها]
تنتهي سورة الضحى بقوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ ... وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وتبدأ سورة الشرح بقوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .. فالأوامر الثلاثة التي وردت في سورة الضحى تتوسط بين تذكير بالنعم أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى .. أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ... فصلة السورتين ببعضهما لا تخفى ..
وسورة الضحى من أولها إلى آخرها خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك سورة الشرح، كلها خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا مظهر آخر من مظاهر الصلة بين السورتين.
رأينا أن سورة الضحى والسور الأربع قبلها فصلت في مقدمة سورة البقرة، وكانت كلها مبدوءة بقسم، وسورة الشرح لا تبدأ بقسم، بينما تأتي بعدها سورة وَالتِّينِ وهي مبدوءة بقسم، مما يشير إلى أن سورة أَلَمْ نَشْرَحْ هي نهاية مجموعتها، وبالتأمل في معانيها نجد أنها تفصل فيما بعد مقدمة سورة البقرة، أي: في قوله تعالى:: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ بدليل أن السورة تنتهي بقوله تعالى فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ وكما أن الآية التي جاءت بعد مقدمة سورة البقرة دلت على أن الطريق إلى التقوى هو العبادة، فإن سورة الشرح تدل على الطريق الذي به يتحقق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يتأسى به بكل المعاني العليا التي حضت عليها السور الخمس السابقة على سورة أَلَمْ نَشْرَحْ إن التحقق بالخصائص العليا من إكرام اليتيم، والحض على طعام