للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا ينتهي الشوط الأول من السورة. ويبدأ شوط جديد يعالج قضية العقيدة كلها، متوخيا توكيد قضية البعث التي هي موضوع السورة الأول؛ بلمسات مؤثرة، يأخذ مادتها وموضوعها مما يقع تحت حس البشر، في حدود المشاهدات التي لا تخلو منها تجربة إنسان، أيا كانت بيئته، ودرجة معرفته وتجربته).

(كذلك يتناول هذا الشوط قضية القرآن الذي يحدثهم عن (الواقعة) فيشكون في وعيده. فيلوح بالقسم بمواقع النجوم، ويعظم من أمر هذا القسم لتوكيد أن هذا الكتاب هو قرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون، وأنه تنزيل من رب العالمين. ثم يواجههم في النهاية بمشهد الاحتضار. في لمسة عميقة مؤثرة. حين تبلغ الروح الحلقوم، ويقف صاحبها على حافة العالم الآخر؛ ويقف الجميع مكتوفي الأيدي عاجزين، لا يملكون له شيئا، ولا يدرون ما يجري حوله، ولا ما يجري في كيانه. ويخلص أمره كله لله، قبل أن يفارق هذه الحياة. ويرى هو طريقه المقبل، حين لا يملك أن يقول شيئا عما يرى ولا أن يشير!

ثم تختم السورة بتوكيد الخبر الصادق، وتسبيح الله الخالق: إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ. فيلتئم المطلع والختام أكمل التئام).

...

[كلمة في سورة الواقعة ومحورها]

رأينا أن سورة الرحمن انتهت بالحديث عن الكافرين والمقربين وأهل اليمين، وتأتي سورة الواقعة لتبدأ بالحديث عن السابقين وأهل اليمين وأهل الشمال، ولتنتهي بالكلام عن ذلك، مختتمة بالأمر بالتسبيح فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ثم تأتي سورة الحديد وبدايتها سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وبذلك تظهر الصلة على أشدها ما بين نهاية السورة السابقة، وبداية السورة اللاحقة.

والصلة بين سورة الواقعة وسورة الرحمن في المكان الأعلى، فمن وسط سورة الرحمن إلى وسط سورة الواقعة يكاد يكون الكلام ذا مضمون واحد، ثم إن الكلام عن الكافرين والمقربين وأهل اليمين يبدأ بسورة الرحمن، بقوله تعالى: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ وتبدأ سورة الواقعة بقوله تعالى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ مما يشعر أن سورة الواقعة

تكاد تكون استمرارا لسورة الرحمن ومكملة لمعانيها، فسورة الرحمن

<<  <  ج: ص:  >  >>