للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذكر الإنس والجن بالخلق والنعمة، وتنكر عليهم تكذيبهم بآلاء الله، وتصل إلى الكلام عن أهل النار وأهل الجنان، مقسمة أهل الجنان إلى قسمين: سابقين، وأهل يمين، وتأتي سورة الواقعة لتبدأ بالكلام عن السابقين، وأهل اليمين وأهل الشمال ثم لتذكر الناس بالخلق والنعمة مقيمة الحجة عليهم بذلك، فالسورتان تتكاملان في تأدية معان متكاملة.

...

لنتذكر الآن المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة، والذي قد جاء بعد مقدمتها. إنه يبدأ بدعوة الناس جميعا إلى عبادة الله، مذكرا إياهم بالخلق والنعمة يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وينتهي بقوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ إن المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة ينتهي بما بدأ به من إقامة الحجة من خلال الخلق والنعمة. وبعد أن قسمت مقدمة سورة البقرة الناس إلى متقين وكافرين ومنافقين، فإن المقطع الأول من سورة البقرة جعل الكافرين ومنافقين صنفا واحدا: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. وسورة الرحمن وسورة الواقعة تذكران أهل النار وتبينان أن أهل الجنة صنفان فههنا تفصيل جديد.

...

وإذا كان المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة والذي أسميناه مقطع الطريقين تترابط معانيه، فإن سورتي الرحمن والواقعة تترابط معانيهما كذلك. وإذا كانت الآيتان الأوليان من المقطع الأول تشكلان المحور الأخص لسورة الرحمن، والآيات الخمس الأولى من المقطع تشكل المحور الأعم لسورة الرحمن فإن قوله تعالى:

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ إن هاتين الآيتين تشكلان المحور الأخص لسورة الواقعة، وهما مع

<<  <  ج: ص:  >  >>