وسورة الأعراف تبدأ بالأحرف (المص) فهي تبدأ بالأحرف نفسها التي ابتدئت بها سورتا البقرة وآل عمران، مع زيادة (ص) وكنا ذكرنا من قبل أن فواتح السور تؤدي خدمات متعددة منها أنها تعتبر مفاتيح من مفاتيح الفهم للوحدة القرآنية، وسيتضح هذا الموضوع معنا شيئا فشيئا وسنرى أن الحرف (ص) إذا وجد في سورة يكون علامة على شئ له صلة بهذا الموضوع. وكل ما نقوله هنا: إن مجئ الأحرف الثلاثة التي بدئت بها سورة البقرة مع زيادة الحرف (ص) في قسم واحد يشير إلى انطلاقة جديدة بعد جولات:
لنتذكر أن سورة البقرة بدأت بقوله تعالى الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ثم سارت حتى وصلت إلى قصة آدم التي انتهت بقوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ والصلة واضحة بين الآيتين هناك، فإذ تأتي سورة الأعراف مبدوءة بنفس الأحرف مع زيادة حرف الصاد، فكأنها تشير إلى ذلك الربط للانطلاق منه إلى تفصيل جديد، إن مجئ سورة الأعراف وابتداءها بقوله تعالى المص أي بالأحرف التي بدأت بها سورة البقرة مع زيادة «ص» التي فهم منها ابن عباس أنها تشير إلى التفصيل كما سنرى، والتي تفصل آية فيها حرف الصاد أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ* كل ذلك فيه إشارات لمن تأمل. وسنرى أن لمجئ الصاد هنا زيادة على «الم» معنى خاصا له صلة في الدلالة على السياق القرآني العام، وهو شئ سنراه عند سورة «مريم» وسورة «ص» وهو مرتبط بذكر «ص» هنا، ومن ثم فإننا نؤخر الكلام عنه إلى هناك.
[نقول]
١ - قال الألوسي في تقديمه لسورة الأعراف: أخرج أبو الشيخ وابن حبان عن قتادة قال: هي مكية إلا آية وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ وقال غيره إن هذا إلى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مدني. وأخرج غير واحد عن ابن عباس وابن الزبير أنها مكية ولم يستثنيا شيئا ...... وكلها محكم، وقيل: إلا موضعين، الأول وَأُمْلِي لَهُمْ فإنه نسخ بآية السيف، والثاني خُذِ الْعَفْوَ فإنه نسخ بها أيضا عند ابن زيد، وادعى أيضا وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ كذلك وفيما ذكر نظر»
٢ - ذكرنا من قبل أن الذين تكلموا عن الوحدة القرآنية، والمناسبات بين السور