للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما أنهم تكلموا عن هذا الموضوع من خلال صلة أوائل السورة اللاحقة بأواخر السورة السابقة، أو من خلال الوحدة الموضوعية للقرآن بمعنى: أن المعاني القرآنية تتكامل شيئا فشيئا في هذا القرآن، وكنموذج على الشيئين معا نذكر ما قاله السيوطي في المناسبة بين سورة الأعراف وسورة الأنعام: قال:

ومناسبتها لما قبلها أن سورة الأنعام لما كانت لبيان الخلق وفيها هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ وقال سبحانه في بيان القرون كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ وأشير إلى ذكر المرسلين، وتعداد الكثير منهم، وكان ما ذكر على وجه الإجمال جئ بهذه السورة بعدها مشتملة على شرحها وتفصيله، فبسط فيها قصة آدم وفصلت قصص المرسلين وأممهم، وكيفية هلاكهم أكمل تفصيل، ويصلح هذا أن يكون تفصيلا لقوله تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ ولهذا صدر السورة بخلق آدم الذي جعله في الأرض خليفة، وقال سبحانه في قصة عاد جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وفي قصة ثمود جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وأيضا قال سبحانه فيما تقدم كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وهو كلام موجز، وبسطه سبحانه هنا بقوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الخ، وأما وجه ارتباط أول هذه السورة بآخر الأولى فهو أنه قد تقدم وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وافتتح هذه بالأمر باتباع الكتاب، وأيضا لما تقدم ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ قال جل شأنه في مفتتح هذه فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ الخ، وذلك من شرح التنبئة المذكورة، وأيضا لما قال سبحانه مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ الآية، وذلك لا يظهر إلا في الميزان؛ افتتح هذه بذكر الوزن فقال عزّ من قائل وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ثم من ثقلت موازينه: وهو من زادت حسناته على سيئاته، ثم من خفت وهو على العكس، ثم ذكر سبحانه أصحاب الأعراف وهم- على أحد الأقوال-: من استوت حسناتهم وسيئاتهم).

وكما ترى فإن في هذه اللفتات معاني صحيحة فالوحدة القرآنية لها أكثر من مظهر

٣ - ومما قدم به صاحب الظلال لسورة الأعراف هذه المقتطفات:

إن موضوع سورة الأنعام هو العقيدة. وموضوع سورة الأعراف هو العقيدة ..

ولكن بينما سورة الأنعام تعالج العقيدة في ذاتها؛ وتعرض موضوع العقيدة وحقيقتها؛ وتواجه الجاهلية العربية في حينها- وكل جاهلية أخرى كذلك. مواجهة صاحب الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>