وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام يمد يديه إلى السماء يا رب فأنى يستجاب لذلك، وقال الترمذي: حسن غريب.
٢ - بمناسبة قوله تعالى أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ ذكر ابن كثير الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه قالوا: وما بوائقه يا رسول الله؟ قال غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره، إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث».
[كلمة في السياق]
لاحظنا أن المجموعة الأولى من السورة حددت صفات المؤمنين وبشرتهم، وأن المجموعة الثانية ذكرت ما يعمق الإيمان وما يقويه وما يبعث عليه، وجاءت المجموعة الثالثة وبها تم المقطع، لتذكر من خلال قصة قوم نوح ومن بعده بجزاء الكافرين فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ، ولتذكر بعناية الله بالمؤمنين، ولتصحح مفاهيم وأغاليط كافرة، ثم لتنتهي بدعوة الرسل، ومن باب أولى الخلق كلهم إلى أكل الحلال والعمل الصالح، لتصل إلى وحدة الأمة الإسلامية، وبالتالي وحدة مواقفها، ثم لتحدد ما ينبغي فعله في مقابل الكفر، وتصحح مفهوما خاطئا، هو أن الخير الدنيوي ليس مقياس الحق والرضا من الله، فالسورة إذن تتعانق مجموعاتها لتخدم قضية الإيمان والعمل الصالح، ومن ثم نلاحظ أن المجموعة الثالثة بعد أن قصت علينا شيئا من سير الأنبياء، وصلت إلى القول يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً وقد ذكرنا من قبل الصلة بين العمل الصالح، وأكل الحلال، وواضح أن العمل الصالح يخدم قضية الإيمان ويعمقها، فلنر محل هذه المجموعة بالنسبة للسياق القرآني العام: