يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ. أي: إن تعطوا الطاعة طائفة من اليهود أو النصارى. يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ أي:
يخرجونكم من الإيمان إلى الكفر، فيجعلونكم مرتدين.
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ أي:
من أين يتطرق إليكم الكفر. وفي السؤال إنكار وتعجيب. وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ أي: والحال أن آيات الله- وهي القرآن المعجز- تتلى عليكم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وَفِيكُمْ رَسُولُهُ أي: وبين ظهركم رسول الله ينبهكم، ويعظكم، ويزيح عنكم شبهكم، وتظهر على يده الآيات. والمعنى قائم بالنسبة لنا ببقاء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته بين أيدينا. وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ أي: يتمسك بدينه أو بكتابه، أو هو حث لهم على الالتجاء إليه في دفع شرور الكفار، ومكايدهم، وكل شر. فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فقد أرشد إلى الدين الحق. أو المعنى: ومن يجعل ربه ملجأ ومفزعا عند الشبه، يحفظ منها.
[فائدة]
دلت الآية الأخيرة على أن وجود الرسول صلى الله عليه وسلم ورؤيته، والقرآن وإعجازه، ينبغي ألا يتأتى معهما كفر، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما:«أي الخلق أعجب إليكم إيمانا؟ قالوا: الملائكة قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم.
قالوا: فالنبيون. قال: وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم! قالوا: فنحن، قال:
وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أعجب الخلق إلي إيمانا لقوم يكونون من بعدكم، يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيها».
فنحن معشر المسلمين اليوم فاتتنا رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن بقي فينا القرآن، والسنة، والسيرة، وفي ذلك كفاية للإيمان.
[كلمة في السياق]
بدأت سورة البقرة بالكلام عن المتقين، والكافرين، والمنافقين، وجاءت سورة آل عمران لتفصل في هذه المقدمة.
فعرفتنا كيف نهتدي بكتاب الله، وأعطتنا صفحة من صفحات الإيمان بالغيب،