ولننتقل إلى الفقرة الثانية في هذا المقطع وهي مجموعتان:
[المجموعة الأولى]
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ أي يستر عوراتكم، وعبر بكلمة الإنزال لأن الماء وراء كل منتفع به، إما مباشرة وإما بالواسطة، ويدخل في ذلك اللباس، والماء من السماء أي من السحاب وَرِيشاً أي ولباس زينة استعير من ريش الطير لأنه لباسه وزينته، والمعنى: أنزلنا عليكم لباسين، لباسا يواري سوءاتكم، ولباسا يزينكم وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ أي ولباس الورع الذي يقي العقاب هو خير ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ أي: إنزال اللباس من آيات الله الدالة على فضله ورحمته على عباده لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فيعرفوا عظيم النعمة فيه، وهذه الآية واردة عقيب ذكر بدو السوءات، وخصف الورق على آدم وحواء عليهما السلام- إظهارا للنعمة فيما خلق من اللباس، ولما في العري من الفضيحة، وإشعار بأن التستر من التقوى، وتذكير بما أعطي آدم وبما سلب، لأنه عصى، حتى لا نقع في خداع الشيطان.
[يقول صاحب الظلال]
«هذا النداء يجئ في ظل المشهد الذي سبق عرضه من القصة .. مشهد العري وتكشف السوءات والخصف من ورق الجنة .. لقد كان هذا ثمرة للخطيئة .. والخطيئة كانت في معصية أمر الله، وتناول المحظور الذي نهى عنه الله .. وليست هي الخطيئة التي تتحدث عنها أساطير (الكتاب المقدس!) والتي تعج بها التصورات الفنية الغربية المستقاة من تلك الأساطير ومن إيحاءات «فرويد» المسمومة .. لم تكن هي الأكل من «شجرة المعرفة» - كما تقول أساطير العهد القديم. وغيرة الله- سبحانه وتعالى- من «الإنسان» وخوفه- تعالى عن وصفهم علوا كبيرا- من أن يأكل من شجرة الحياة أيضا فيصبح كواحد من الآلهة! كما تزعم تلك الأساطير. ولم تكن كذلك هي المباشرة الجنسية كما تطوف خيالات الفن الأوربي دائما حول مستنقع الوحل الجنسي، لتفسر به كل نشاط الحياة كما علمهم فرويد اليهودي! .. ).
ويقول الألوسي: (قوله تعالى لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ «سوءاتكم» أي التي قصد إبليس- عليه اللعنة- إبداءها من أبويكم حتى اضطرا إلى خصف الأوراق وأنتم مستغنون عن ذلك. روى غير واحد أن العرب كانوا يطوفون بالبيت عرايا ويقولون لا نطوف بثياب