كسرتهما)، فهل هذا هو المراد بنسخة الألواح التي ذكرها القرآن وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ يمكن أن تكون المسألة كذلك.
وفي الإصحاح نفسه:(وقال الرب لموسى اكتب لنفسك هذه الكلمات. لأنني بحسب هذه الكلمات قطعت عهدا معك ومع إسرائيل وكان هناك عند الرب أربعين نهارا وأربعين ليلة لم يأكل خبزا ولم يشرب ماء. فكتب على اللوح كلمات العهد الكلمات العشر. وكان لما نزل موسى من جبل سيناء ولوحا الشهادة في يد موسى عند نزوله من الجبل أن موسى لم يعلم أن جلد وجهه صار يلمع في كلامه معه. فنظر هارون وجميع بني إسرائيل. وإذا جلد وجهه يلمع فخافوا أن يقتربوا إليه. فدعاهم موسى فرجع إليه هارون وجميع الرؤساء في الجماعة، فكلمهم موسى. وبعد ذلك اقترب جميع بني إسرائيل فأوصاهم بكل ما تكلم به الرب معه في جبل سيناء. ولما فرغ موسى من الكلام معهم جعل على وجهه برقعا. وكان موسى عند دخوله أمام الرب ليتكلم معه ينزع البرقع حتى يخرج. ثم يخرج ويكلم بني إسرائيل بما يوصي. فإذا رأى بنو إسرائيل وجه موسى أن جلده يلمع كان يرد البرقع على وجهه حتى يدخل ليتكلم معه).
ومن تتبع كتب أهل الكتاب يجد أن ما يرد في كتبهم إنما هو خليط ومضطرب ومتناقض، ولا ينم عن صدق النقلة، ولا عن صحة المنقول، وستأتيك وثائق ذلك شيئا فشيئا في هذا الكتاب. وإنما ننقل بعض النقول عنهم إما للرد وإما للاستئناس.
[فصل: في البشارة برسول الله صلى الله عليه وسلم]
رأينا في المقطع الذي مر معنا أن البشارة برسولنا عليه الصلاة والسلام قد جاءت على الجبل، وموسى والسبعون في موقف الاعتذار، وقد وردت قصة السبعين في أكثر من مكان من الأسفار الخمسة التي يدعى أنها توراة موسى، وفي مكان واحد، تذكر البشارة بالرسول القادم. وإن هذا وحده لمعجزة.
فإذ تجد الأسفار الخمسة تغفل هذا المعنى أحيانا، وتذكره أحيانا في ذلك المقام، فذلك حجة على أن هذا القرآن من عند الله، فالمقطع السابق استقر على التبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته وأن هذا التبشير كان في جبل سيناء، إذ كان موسى مع السبعين من قومه في موقف الاعتذار عن عبادة العجل. والملاحظ أن سفر الخروج لم يتعرض لهذا الموضوع إطلاقا، وإنما الذي تعرض لذلك هو سفر التثنية، فقد ذكر البشارة بالرسول القادم،