للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْياءَهُمْ أي ولا تنقصوا حقوقهم بتطفيف الكيل ونقصان الوزن وكانوا يبخسون الناس كل شئ في مبايعتهم، أو لا تخونوا الناس في أموالهم وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أي لا تفسدوا فيها بعد ما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء والأولياء ذلِكُمْ أي ما ذكر من الوفاء بالكيل والميزان، وترك البخس، والإفساد في الأرض خَيْرٌ لَكُمْ قال النسفي: في الإنسانية وحسن الأحدوثة. وأقول: في الدنيا والآخرة إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي مصدقين لي في قولي

وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ أي بكل طريق تُوعِدُونَ أي من آمن بشعيب بالعذاب وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن عبادته ودينه وطريقه مَنْ آمَنَ بِهِ أي بالله وَتَبْغُونَها عِوَجاً أي وتطلبون لسبيل الله العوج أي تصفونها للناس بأنها سبيل معوجة غير مستقيمة؛ لمنعهم عن سلوكها أو تطلبون الطريقة المعوجة. والمعنى: لا تقعدوا موعدين وصادين عن سبيل الله وباغين عوجا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ أي واذكروا على جهة الشكر وقت كونكم قليلا عددكم فكثركم الله ووفر عددكم وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ أي كيف كان آخر أمر من أفسد قبلكم من الأمم، كقوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام

وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا أي فانتظروا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا أي بين الفريقين بأن ينصر المحقين على المبطلين، ويظهرهم عليهم وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ لأن حكمه حق وعدل، لا يخاف فيه الجور، وفي الآية بيان أن الدعوة إلى الله تقسم الناس قسمين: أهل حق، وأهل باطل، وفي الآية

وعيد للكافرين بانتقام الله منهم، وحث للمؤمنين على الصبر واحتمال ما كان يلحقهم من المشركين إلى أن يحكم الله بينهم وينتقم لهم منهم، ويحتمل أن تكون الآية خطابا للفريقين حتى يحكم الله فيميز الخبيث من الطيب

قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ والاستكبار على الأنبياء ودعوتهم كفر فالذين استكبروا هم الذين كفروا لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا أي ليكونن أحد الأمرين إما إخراجكم وإما عودكم في الكفر قالَ أي شعيب أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ تقديره: أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهتنا، أو مع كوننا كارهين

قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها أي بعد أن خلصنا الله منها، فإن قال قائل كيف يقول شعيب إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ والكفر على الأنبياء محال؟ فالجواب: أراد عود قومه إلا أنه نظم نفسه في جملتهم وإن كان بريئا من ذلك إجراء لكلامه على حكم التغليب

<<  <  ج: ص:  >  >>