للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - ولكي لا يربطوا بين كونه لا يملك ضرا ولا رشدا، وبين التبليغ فقد أمره الله عزّ وجل أن يبين أنه مأمور بالتبليغ، أمرا جازما حاسما، ومن ثم فإنه يقوم بالتبليغ والأمر إلى الله، فهو يتولى شأنهم، وإنما عليه البلاغ.

[الأمر الثالث]

قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ أي: لن يدفع عني عذابه أحد إن عصيته وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً أي: ملتجأ

إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ قال ابن كثير: أي: لا يجيرني منه، ويخلصني إلا إبلاغي الرسالة التي أوجب أداءها علي، والبلاغ في الآية بمعنى التبليغ، والرسالات معطوفة

على التبليغ، أي: إلا التبليغ والرسالات، قال النسفي: (أي: إلا أن أبلغ عن الله فأقول: قال الله كذا ناسبا لقوله إليه، وأن أبلغ رسالته التي أرسلني بها بلا زيادة ولا نقصان) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في ترك القبول لما أنزل على الرسول فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قال ابن كثير: أي: أنا أبلغكم رسالة الله فمن يعص بعد ذلك فله جزاء على ذلك نار جهنم خالدين فيها أبدا، أي: لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها

حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ من العذاب فَسَيَعْلَمُونَ عند حلول العذاب بهم مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً قال النسفي: أهم أم المؤمنون؟ أي: الكافر لا ناصر له يومئذ، والمؤمن ينصره الله وملائكته وأنبياؤه، قال ابن كثير: أي: بل المشركين لا ناصر لهم بالكلية، وهم أقل عددا من جنود الله عزّ وجل.

[كلمة في السياق]

١ - بين هذا الأمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينجيه عند الله إلا أن يبلغ، وإلا أن ينفذ رسالات الله، ومن ثم فإنه يبلغ نجاة لنفسه، وإقامة للحجة على الخلق، وأن الذين يخالفون رسالات الله لهم نار جهنم خالدين فيها أبدا، وعند ما سيرونها وقتئذ سيعلمون من الأضعف ناصرا والأقل عددا، وفي ذلك إشارة إلى أن الكافرين في الدنيا تغرهم قوتهم ونصراؤهم وأعدادهم، وفي مجئ هذه المعاني في هذا الجزء تبيان لحكمة التبليغ، ثم في ذلك رد على مواقفهم المتحدة ضده عليه السلام، فإذا كان عليه السلام عبدا مكلفا من الله عزّ وجل بالتبليغ، فكيف يتألب عليه المتألبون، وما هو إلا مأمور من الله عزّ وجل ومكلف!.

<<  <  ج: ص:  >  >>