حتى يتفرقوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي: وله الأرزاق والقسم فهو الرزاق لجميع خلقه، أفلا يرزق المسلمين وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ أي:
لا يعلمون الحقائق، ومن ثم فهم يهذون بما يزين لهم الشيطان.
[كلمة في السياق]
رأينا أن الله عزّ وجل وصف المنافقين بأنهم هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ وقد رأينا في هذه الآية نموذجا على عدائهم، فلا تكاد تواتيهم فرصة إلا ويهتبلونها للكيد والضرر تحريشا بالمسلمين وتحريضا عليهم، وهذا والسلطان ليس لهم، فإذا كان السلطان لهم فكما قال الله تعالى: وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ... ، والملاحظ أن قولهم لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا داخل في قطع ما أمر الله به أن يوصل وهو إحدى صفات الفاسقين، كما فصلتها سورة البقرة، والملاحظ أن ذكر الفاسقين قد ورد قبل الآية السابقة مباشرة، وعلى هذا فالآية نموذج على تحقق المنافقين بصفات الفاسقين كلها، كما هي نموذج على عداء المنافقين للإسلام وأهله وذلك مما يوجب حذر المسلمين من المنافقين.
[النموذج الثاني]
يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ قال هذا عبد الله بن أبي مقفلهم من غزوة بني المصطلق كما سنرى لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ يعنون بالأعز أنفسهم، وبالأذل رسول الله، قال تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ أي: ولله الغلبة والقوة، ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين وهم الأخصاء بذلك، كما أن الذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ومن ثم يقولون ما يقولون.
[كلمة في السياق]
في هذه الآية نموذج آخر على كيد المنافقين وعدائهم، فمتى وجدوا متنفسا، أو أحدا يسمع لهم يبدءون عملية التحريض ضد المسلمين مع السباب لهم، هذا والسلطان ليس لهم، فكيف إذا صار السلطان لهم، ولذلك فإن على المسلمين أن يكونوا دائمي الحذر منهم، وكما أن في الآية نموذجا على عدائهم، ففي الآية نموذج على نقضهم المواثيق، أو قطعهم ما أمر الله به أن يوصل، وعلى إفسادهم في الأرض، ففي