على قلب بشر، ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أي: إثابة من عند الله يختص به، ولا يقدر عليه غيره، وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ أي: عنده حسن الجزاء لمن عمل صالحا.
بينت هذه الآيات من هم أولو الألباب على الحقيقة، وما هو جزاؤهم. والصلة بين هذه الآيات وما قبلها واضحة، من حيث إن هؤلاء هم الذين يعطون كتاب الله حقه على عكس أولئك.
وبهذا انتهت الفقرة الأولى من هذا المقطع فلنر فقرة أخرى:
لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم تثبيتا له- إذ هو غير مغتر- وهو خطاب لكل فرد في أمته، أي: لا يغرنك ما هم فيه من النعمة، والغبطة، والسرور، والمتعة، واللذة، والسلطان، فيحرفك عن الحق الذي أنزله الله إليك، وما أكثر من يغتر بسلطان الكافرين، وعزتهم، وسيطرتهم على كثير من بلاد العالم، فيحرفه ذلك عن الحق.
مَتاعٌ قَلِيلٌ أي: تقلبهم في البلاد متاع قليل، قليل في جنب ما فاتهم من نعيم الآخرة، أو في جنب ما أعد الله للمؤمنين من الثواب، قليل في نفسه لانقضائه، وكل زائل قليل. ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ أي:
وساءت جهنم مهادا مهدوه لأنفسهم. ثم بين أن المتاع الحقيقي لأهل التقوى فقال:
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ أي: لا بقاء لتمتع الكافرين، لكن ذلك للذين اتقوا، ثم بين هذا المتاع الحقيقي لأهل التقوى فقال. لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وهذا هو المتاع الحقيقي الذي لا انقضاء له، وفي هذا دعوة للمؤمنين لكي يثبتوا على التقوى في كل الظروف، ولو كانت الغلبة، والعز، والجاه، والسلطان لأهل الكفر. ثم بين أن ما أعطاه للمتقين من المتاع الحقيقي إنما هو رزق، وعطاء، وضيافة من عنده فقال: نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أي: ضيافة، وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ أي: وما عند الله من الخير الكثير الدائم، خير للأبرار، مما يتقلب فيه الفجار من القليل الزائل. فليثبت أهل البر على برهم، وليثبت أهل الإيمان والتقوى والحق على كتاب الله وشرعه.
ثم ذكر صنفا من أهل الكتاب هم غير من مر من الكاتمين والكافرين:
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ أي: من القرآن وَما