يحس أو حركة تلهبها، أي لا يقربونها حتى لا يسمعوا صوتها وصوت ما يجري فيها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ ومن النعيم خالِدُونَ أي مقيمون والشهوة طلب النفس اللذة
لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ أي النفحة الأخيرة وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ أي تستقبلهم الملائكة مهنئين على أبواب الجنة يقولون هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ أي هذا ثوابكم الذي وعدكم الله به في الدنيا
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ أي نجمعها كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ أي للمكتوبات فيه قال الألوسي: ثم إن الظاهر من الأخبار الصحيحة أن العرش لا يطوى كما تطوى السماء كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ أي كما أوجدنا أول خلق خلقناه نعيد الخلق مرة ثانية وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ أي وعدا منا كائنا لا محالة إنا كنا فاعلين ذلك أي محققين هذا الوعد فاستعدوا له، وقدموا صالح الأعمال للخلاص من هذه الأهوال.
هذا ما أعد الله لأهل الإيمان في الآخرة ووعدهم إياه.
وأما ما وعدهم به في الدنيا: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ أي كتاب داود مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أي بعد التوراة أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ أي من آمن وعمل صالحا
إِنَّ فِي هذا أي القرآن، أو في هذه السورة من الأخبار والوعد والوعيد والمواعظ لَبَلاغاً أي لكفاية ومنفعة لِقَوْمٍ عابِدِينَ أي موحدين.
قال ابن كثير (وهم الذين عبدوا الله بما شرعه، وأحبه ورضيه، وآثروا طاعة الله على طاعة الشيطان، وشهوات أنفسهم) هذا جزاء أهل الإيمان والعمل الصالح والعبادة في الدنيا: الاستخلاف.
قال صاحب الظلال في قوله تعالى: أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (فما هي هذه الوراثة؟ من هم عباد الله الصالحون؟ لقد استخلف الله آدم في الأرض لعمارتها
وإصلاحها، وتنميتها وتحريرها واستخدام الكنوز والطاقات المرصودة فيها، واستغلال الثروات الظاهرة والمخبوءة، والبلوغ بها إلى الكمال المقدر لها في علم الله.
ولقد وضع الله للبشر منهجا كاملا متكاملا للعمل على وفقه في هذه الأرض، منهجا يقوم على الإيمان والعمل الصالح. وفي الرسالة الأخيرة للبشر فصل هذا المنهج، وشرع له القوانين التي تقيمه وتحرسه، وتكفل التناسق والتوازن بين خطواته.
في هذا المنهج ليست عمارة الأرض واستغلال ثرواتها والانتفاع بطاقاتها وهو حده