في قوله تعالى وَما كانُوا سابِقِينَ دليل لما ذكرناه من أن السياق يعرض علينا الآن نموذجا ومثلا على كون الكافرين لا يفوتون الله عزّ وجل، وهو المعنى الذي ورد في مقدمة السورة أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ لاحظ أَنْ يَسْبِقُونا في المقدمة وَما كانُوا سابِقِينَ في آخر آية مرّت معنا.
...
فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فيه دليل على أن الله عزّ وجل لا يأخذ إلا بذنب فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً هي الريح العاصف التي فيها حصباء، وهي لقوم لوط وعاد وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ فأخمدت منهم الأصوات والحركات، وهم مدين وثمود وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ يعني قارون وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا يعني قوم نوح وفرعون وهامان وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ أي ليعاقبهم بغير ذنب وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بالكفر والطغيان.
....
[كلمة في السياق]
نلاحظ أنّ مقدمة السورة تحدّثت عن سنة الله في امتحان المؤمنين، وعن كون الكافرين لا يسبقون الله، بل سيلحقهم عذابه، ثمّ تحدّثت المجموعة الأولى عن خصائص الإيمان الصادق ودواعيه، وعن علامات الإيمان الكاذب وما يدلّ عليه، كما حدثتنا عن محاولة الكافرين أن يصرفوا المؤمنين عن الإيمان. ثم جاء دور ضرب المثل، فانصبّت الأمثال على توضيح نقطتين رئيسيتين: ثبات المؤمنين وصبرهم على الامتحان، ولحاق عقوبات الله بالكافرين، وكلّ ذلك شديد التلاحم مع بعضه، وبعد ضرب الأمثال بوقائع من تاريخ الإنسان، يأتي الآن مثل، ثمّ تأتي بعده تقريرات:
وللمثل علاقة بكون الكافرين لا يفوتون الله عزّ وجل ولا يعجزونه.