متى رأى أن الغلام مفقود أنه يموت. فينزل عبيدك شيبة عبدك أبينا بحزن إلى الهاوية.
لأن عبدك ضمن الغلام لأبي قائلا إن لم أجئ به إليك أصر مذنبا إلى كل الأيام. فالآن ليمكث عبدك عوضا عن الغلام عبدا لسيدي، ويصعد الغلام مع إخوته. لأني كيف أصعد إلى أبي والغلام ليس معي لئلا انظر الشر الذي يصيب أبي)
ولنا على هذا النقل ملاحظة سريعة هي أن النص قيد البدل بأنه يهوذا، بينما النص القرآني ترك ليوسف الخيار في أن يأخذ من يشاء، وهذا من تحريف النساخ كما سنرى في آخر القصة.
وبعد أن اقترحوا أن يأخذ أحدهم مكانه أثنوا عليه إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ أي إلينا فأتمم إحسانك، أو بشكل مطلق أي من عادتك الإحسان فاجر على عادتك ولا تغيرها
قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ أي نعوذ بالله معاذا من أن نأخذ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إذ هو منطق العدل، ولم يكن ذلك إلا كما قلتم واعترفتم وألزمتم به أنفسكم إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ أي إن أخذنا بريئا بمن وقع بمثل ما رأيتم، أي إن أخذنا بدله ظلما، لأنه وجب على قضية فتواكم أخذ من وجد الصاع في رحله، واستعباده فلو أخذنا غيره كان ذلك ظلما في مذهبكم فلم تطلبون ما عرفتم أنه ظلم؟!
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ أي فلما يئسوا من يوسف وإجابته إياهم، أو فلما يئسوا من تخليص أخيهم بنيامين خَلَصُوا أي انفردوا عن الناس نَجِيًّا أي يتناجون فيما بينهم يديرون أمرهم على أي صفة يذهبون، وماذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم قالَ كَبِيرُهُمْ هل المراد هنا كبيرهم في السن فيكون رأوبين؟ أو المراد به كبيرهم في الشأن، والعقل والوفاء فيكون يهوذا؟ وهو رواية التوراة الحالية أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ أي لتردنه إليه، وقد تعذر هذا وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ
أي مع ما تقدم لكم من إضاعة يوسف عنه. والمعنى: ومن قبل هذا قصرتم في شأن يوسف ولم تحفظوا عهد أبيكم، أو ومن قبل هذا تفريطكم كائن في يوسف، وبسبب هذا فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ أي فلن أفارق أرض مصر حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أي في الرجوع إليه راضيا عني أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي إما بالخروج منها أو بالموت، أو بتخليص بنيامين، أو بالإيحاء إلى يعقوب ببراءتنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ لأنه لا يحكم إلا بالعدل،
ثم أمرهم أن يخبروا أباهم بصورة ما وقع حتى يكون عذرا لهم عنده،