للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعددة. وتجد مسائل ليس فيها نص صريح في الكتاب والسنة تتعلق بهذه الأبواب لا بد من ذكرها في مواطنها ليسهل الرجوع إليها لمن يريد. هذا كله يمثل الضرورة لوجود الفقه، ولوجود المدارس الفقهية. فمن غلا في الكتاب، فألغى السنة ضل. ومن غلا، فضلل الأمة بسبب المدارس الفقهية فقد ضل. ومن ألغى دراسة الكتاب والسنة بحجة الفقه، فقد جعل الفرع أصلا، فلا بد من دراسة الكتاب، ولا بد من دراسة السنة، ولا بد من دراسة للفقه.

[ولنعد إلى السياق]

وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ أي: اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة. أو اذكروه كما علمكم كيف تذكرونه، ولا تعدلوا عنه. هذا تنبيه لنا على ما أنعم الله به علينا من الهداية والبيان والإرشاد إلى مشاعر الحج وغيرها. ولا يعرف مقدار هذه الهداية إلا من قارن بين ما كان عليه الناس في الجاهلية وما جاء به الإسلام، وإلا من قارن بين الإسلام وغيره من الأديان. وسنعرض لهذا الموضوع شيئا فشيئا في هذا التفسير. وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ: الضمير في (قبله) يعود على الهدى، على القول الراجح. وقيل يعود إلى القرآن. وقيل يعود إلى الرسول. والكل متقارب ومتلازم وصحيح. إنه بدون هذا الهدى، كنا ضالين عن مشاعر إبراهيم ودينه. وكنا ضالين عن طريق الله. وعما يقربنا إليه. وكنا ضالين عن السلوك الصحيح في شئون الحياة. وكنا ضالين عن المعرفة الحق لله، والغيب، والإنسان ...

قال النسفي: وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ «أي: الجاهلين. لا تعرفون كيف تذكرونه وتعبدونه».

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:

أخرج البخاري عن عائشة قالت: كانت قريش، ومن دان دينها؛ يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس. وسائر العرب يقفون بعرفات. فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، ثم يقف بها، يفيض منها. فذلك قوله: مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ قال ابن كثير: وكذا قال ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وقتادة، والسدي، وغيرهم. واختاره ابن جرير. وحكى عليه الإجماع.

والآن نتساءل، لماذا جاءت: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ هنا مع أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>