للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المجموعة الثانية من المقطع الثاني]

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ أي الكافرون بِالْعَذابِ أن يحل بهم وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى هو يوم القيامة أو وقت فنائهم بآجالهم لَجاءَهُمُ الْعَذابُ أي عاجلا.

والمعنى: ولولا أجل قد سمّاه الله، وبيّنه في اللوح لعذابهم، والحكمة تقتضي تأخيره إلى ذلك الأجل المسمّى، لجاءهم العذاب عاجلا وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ العذاب في الأجل المسمى بَغْتَةً أي فجاءة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بوقت مجيئه

يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ أي يستعجلون العذاب وهو واقع بهم لا محالة

يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ فالنار تغشاهم وتغطّيهم، وتحيط بهم من كل جهاتهم، وهذا أبلغ في العذاب الحسي وَيَقُولُ الله عزّ وجل تهديدا وتقريعا وتوبيخا، ليجتمع لهم العذاب الحسي والمعنوي ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي جزاء أعمالكم.

[كلمة في السياق]

١ - لاحظ صلة هذه الآيات بمقدّمة سورة البقرة:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. إنّ الآيات هنا ترينا كيف يفر الكافرون من الحجج إلى طلب العذاب، كما أنّها تبيّن لنا ماهيّة العذاب العظيم الذي سيحيق بأهل النّار وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ.

٢ - بعد أن بيّن الله في المجموعة الأولى من المقطع الثاني خسار أهل الباطل، بيّن في هذه الآيات الثلاث ماهيّة خسارهم وبيّن جهلهم إذ يستعجلون العذاب وهو آت وما أشدّه. فالصلة بين الآيات الثلاث الأخيرة، وما جاء قبلها مباشرة واضحة.

فلنر صلتها بسياق السورة.

بدأت السورة بقوله تعالى:

الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ* أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>