حكمه. ثم ذكر مصلحتين، هما أنفع مما ذكروا من النسب، والمال. وهما العلم المبسوط. قالوا: كان أعلم بني إسرائيل بالحرب، والديانات في وقته. وأطول من كل إنسان برأسه ومنكبه. والبسطة: السعة والامتداد. قال النسفي: والملك لا بد أن يكون من أهل العلم. فإن الجاهل ذليل مزدرى، غير منتفع به. وأن يكون جسيما، لأنه أعظم في النفوس، وأهيب في القلوب».
وقال ابن كثير:«أي: وهو مع هذا أعلم منكم، وأنبل، وأشكل منكم، وأشد قوة، وجدا في الحرب، ومعرفة بها. أي أتم علما، وقامة منكم. ومن هاهنا ينبغي أن يكون الملك ذا علم، وشكل حسن، وقوة شديدة في بدنه ونفسه» وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ أي: واسع الفضل والعطاء. يوسع على من ليس له سعة من المال، ويغنيه بعد الفقر. وهو عليم بمن يستحق الملك ممن لا يستحقه، فيصطفي من شاء.
وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ أي: قال لهم نبيهم: إن علامة بركة ملك طالوت عليكم، أن يرد عليكم التابوت الذي كان أخذ منكم.
في التابوت سكون، وطمأنينة لكم من ربكم، وفيه بقية مما تركه موسى، وهارون.
وذكر الآل للتفخيم. وفسر النسفي هذه البقية بأنها رضاض الألواح، وعصا موسى، وثيابه، وشئ من التوراة، ونعلا موسى، وعمامة هارون عليهما السلام، ونقول ابن كثير عن المفسرين تجمع ما قاله النسفي. دل ذلك على التبرك بآثار الأنبياء. إذ ذلك من تعظيم حرمات الله، وإتيان التابوت كان بواسطة الملائكة. قال ابن عباس:(جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض، حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي: في رجوع التابوت إليكم علامة أن الله قد ملك طالوت عليكم إن كنتم مصدقين بالله، واليوم الآخر، والرسل.
قال النسفي عن التابوت: وكان موسى عليه السلام إذا قاتل قدمه. فكانت تسكن نفوس بني إسرائيل، ولا يفرون.