كتاب مفتوح ومنهج مرسوم، يستمد منه أهل هذا الزمان ما يقوم حياتهم- لو هدوا إلى اتخاذه إمامهم- ويلبي حاجاتهم كاملة، ويقودهم بعدها إلى عالم أفضل، وأفق أعلى، ومصير أمثل. وسيجد فيه من بعدنا كثيرا مما لم نجده نحن، ذلك أنه يعطي كل طالب بقدر حاجته، ويبقى رصيده لا ينفد، بل يتجدد. ولكن لم يكونوا يفطنون إلى هذه الحكمة الكبرى. فكانوا يعرضون عما يتنزل عليهم من هذا القرآن العظيم حينا بعد حين)
أقول: وقعت لرسولنا عليه الصلاة والسلام معجزات كثيرة غير القرآن، ولكن القرآن هو معجزته الرئيسية عليه الصلاة والسلام، ولو شاء الله معجزة لا يبقى معها أحد إلا آمن لفعل، ولكنه لم يشأ جل جلاله لحكمة، وهذا النوع من المعجزات هو المنفي في الآية.
[كلمة في السياق]
حددت هذه المقدمة مجموعة معان:
١ - أن آيات هذا القرآن من الوضوح بالمكان البين وهذه السورة نموذج على البيان في الآيات والمعجزات.
٢ - بينت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله قادر على أن ينزل من الآيات ما به يؤمن البشر إيمانا قسريا، وإن لله حكمة في كونه لا ينزل من الآيات إلا بالقدر الذي تقوم به الحجة الكاملة، ومن ثم فعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يحزن لعدم إيمان من لم يؤمن.
٣ - ومن ذكر الحقيقتين السابقتين ندرك حكمة إنزال الذكر على ما هو عليه، وندرك ضلال المعرضين، وكيف أن هؤلاء المعرضين المكذبين سيرون أن كل ما نزل في الذكر حق.
٤ - لفت الله عزّ وجل النظر إلى آية من آياته العظمى، وهي كثرة ما خلق من أصناف النبات في هذه الأرض، وأنه مع وجود هذه الآية فإن أكثر الخلق لا يؤمنون. ثم ذكرنا الله عزّ وجل بعزته ورحمته.
هذه مجمل المعاني التي وردت في المقدمة لاحظ الآن صلتها بمحور السورة تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إن المقدمة تحدثت عن آيات هذا