٣ - إن مجئ هذه الآية هنا بعد الأمر بالدخول في الإسلام كله، وعدم اتباع خطوات الشيطان، يشير إلى أن الإنسان ما لم يتذكر موقفه بين يدي الله يوم القيامة، فإنه لا يقيم أمر الله ونهيه. وإن لفت النظر إلى هذا الموضوع بعد تلك الآية يدل على أن علينا أن نرقي مشاعر الإنسان في تذكر اليوم الآخر، حتى يمكن أن يكون وقافا عند حدود الله، وما لم يستطع المسلم أن يرتقي بقلبه إلى مثل هذه التصورات، يكون بعيدا، ولا تظهر قدرة المربين كقدرتهم على نقل الإنسان إلى هذه الأحوال. قال حنظلة:(نكون عند الرسول صلى الله عليه وسلم فيذكرنا بالجنة والنار فكأنا رأي عين)، أخرجه مسلم.
٤ - إن من مصادر الخطأ في باب المعرفة، أن نتجاوز قدرنا في باب التصورات والقوانين فنخضع الذات الإلهية، وصفاتها لتصورات مقيسة على الخلق. إذ كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك. أو نخضع عالم الآخرة، لقوانين الحياة الدنيا. فللآخرة قوانينها الخاصة التي قد تتفق مع قوانين الحياة الدنيا أو لا تتفق. سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.
ما الرابط بين هذه الآية وما قبلها؟ جاء قبلها أمر بالدخول في الإسلام كله. ونهي عن اتباع خطوات الشيطان، وتهديد لنا في حالة الزلل مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ.
وهل يكون مع الحجج الواضحة زلل؟. نعم يكون. وهل تستبدل أمة النعمة بالكفران؟. نعم تستبدل. وهل يعاقب الله أمة أنعم عليها بأن هداها، وبعث لها رسلا؟. نعم يعاقب. فهؤلاء بنو إسرائيل، سلهم كم أنزل عليهم من آية بينة. ومع ذلك بدلوا نعمة الله من بعد ما جاءتهم. فكيف كان الأمر؟. كان العقاب. لأن جلال الله عظيم. فيا هذه الأمة: إياك وقد جاءتك البينات أن تستبدلي نعمة الله، فقومي بحق الله بتنفيذ أمره واجتناب نهيه. ولا تتبدلي نعمة الله عليك كفرا، فتحرفي، وتبدلي، وتفسقي أو تكفري. فإن فعلت فإن الله سيعاقبك كما عاقب بني إسرائيل.
[المعنى العام]
يذكر تعالى مخبرا عن بني إسرائيل، كم شاهدوا مع موسى من آية بينة، أي حجة قاطعة بصدقه فيما جاءهم به. كاليد، والعصا، وفلقه البحر وضربه الحجر، وما كان