للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ. وتذكر محال الصدقات: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ.

وتذكر مواطن الصبر: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ. فكانت هذه الآية تلخيصا لما مر في شأن التقوى. وتوضيحا لبعض ما مر لينطلق السياق- كما قلنا- موضحا طرائق أخرى للتقوى، ومبينا حقائق أخرى تدخل في التقوى. ولنبدأ عرض تفسير الفقرة مع ذكر شئ من الفوائد ولنا عودة على السياق:

[١ - آيات الكتمان]

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ: المراد به إما كل كتاب لله، أو التوراة أو القرآن، والأرجح الأول. وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا: الثمن القليل هو الدنيا كلها إذا قيست بقيمة الحق أو بالآخرة. فصار المعنى: ويشترون بهذا الكتمان، الدنيا أو جزءا منها. أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ: أي إنما يأكلون ما يأكلونه في مقابلة كتمان الحق نارا تأجج في بطونهم يوم القيامة. لأنه إذا أكل ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه، فكأنه أكل النار. وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كلاما يسرهم ولكن بنحو قوله تعالى في سورة (المؤمنون): اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ. وَلا يُزَكِّيهِمْ: أي لا يطهرهم من دنس ذنوبهم، أو لا يثني عليهم. وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أي شديد مؤلم وذلك لأنهم كتموا، وقد علموا فاستحقوا الغضب.

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى أي: اعتاضوا عن الهدى بالضلالة بهذا الكتمان فأصبحوا ضلالا. وكان بوسعهم أن يكونوا مهتدين.

وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ أي اعتاضوا عن المغفرة بالعذاب بتعاطيهم أسباب العذاب.

وكان بوسعهم أن يتعاطوا أسباب المغفرة بإظهار الحق عملا وسلوكا. فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، يخبر تعالى أنهم في عذاب شديد عظيم هائل. يتعجب من رآهم فيها من صبرهم على ذلك مع شدة ما هم فيه من العذاب والنكال والأغلال عياذا بالله من ذلك. أو المعنى: فأي شئ أصبرهم على عمل يؤدي إلى النار. وعلى هذا، فالاستفهام

توبيخي.

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ: أي إنما استحقوا هذا العذاب الشديد لأن الله تعالى أنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الأنبياء قبله كتبه بتحقيق الحق وإبطال الباطل. وهؤلاء اتخذوا آيات الله هزوا فكتابهم يأمرهم بإظهار العلم ونشره.

فخالفوه وكذبوه. فأي شهود هؤلاء؟. وأي شهادة ضيعوها؟. وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ فقالوا في بعض كتب الله إنها حق، وفي بعضها إنها باطل. أو

<<  <  ج: ص:  >  >>