فيها؟ وما أضر بقلب الإنسان المعاصر شئ كالتأليف المجرد عن الإيمان في العلوم الكونية .. !! (وقد ذهب بعض المفسرين أن آيات الكتمان الأولى فيها خطاب لأمتنا، وأن هذه الآيات خطاب لبني إسرائيل أخذا من أن الخطاب في أول آية البر متوجه لبني إسرائيل، والخطاب عام في كلتا الآيتين. ويدخل فيه الجميع. ولعل الكاتمين من هذه الأمة أكثر إثما، لأن حجة قرآننا علينا، وعلى الناس أظهر.) وقد جاءت آية الكتمان في هذا المقطع بعد الفقرة الأولى التي تحدثت عن أكل الحلال، وعدم اتباع خطوات الشيطان، ووجوب اتباع ما أنزل الله؛ والتحذير عن متابعة الآباء؛ فضلا عن غيرهم، ثم تبيان حقيقة الكفر، والأمر بأكل الطيبات والشكر، وبيان المحرمات؛ وهذه كلها يجتمع فيها شيئان: أن لها تفصيلات دقيقة. وأنه يقع فيها تهيب. ومهمة العلماء أن يفصلوا، وألا يتهيبوا بأن يبينوا.
وعلماء بني إسرائيل هم الشهود الكاتمون. فناسب أن يذكر هنا خطر الكتمان، خاصة والسياق قارب أن يغلق الحوار معهم في هذه السورة فاستوعبت آيات الكتمان الحديث عن كتمان أهل الكتاب، وكتمان أهل القرآن. وبعد آيات الكتمان جاءت آية البر.
٢ - فكانت تلخيصا لكل ما مر مما له علاقة في قضية التقوى ليكون ذلك كالمقدمة لكلام جديد تذكر فيه طرائق جديدة لتحقيق التقوى في نفس الإنسان أو في المجتمع الإنساني.
إن آية البر تلخيص لما مر معنا في شأن التقوى، وهي في الوقت نفسه تفصيل لبعض ما مر، لقد تحددت معنا فيما مضى قضية التقوى، والطريق إليها، وما يتنافى معها، وما يساعد عليها. فالتقوى إيمان بغيب وصلاة وإنفاق واتباع كتاب. والطريق إليها العبادة.
ومما ينافيها نقض العهود: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ .... ومما يساعد عليها الصبر والصلاة. وجماع ذلك طاعة الله دون قيد أو شرط في أي شئ؛ في القبلة وغيرها. وإنك لترى مجموع هذه المعاني في هذه الآية. فمن أخذها وفهمها وعمل بها فكأنه أخذ بالأمر كله. وهذا معنى قولنا إنها تلخيص لما مر. وأما أنها توضيح لبعض ما مر فذلك لأنه مر معنا الإيمان مجملا: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ومر معنا الإنفاق مجملا: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. ومر معنا الصبر مجملا: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ* فجاءت هذه الآية لتوضح المجمل فتذكر في تفصيل الإيمان: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ