وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره والدليل على ذلك قوله تعالى إخبارا عن أهل النار أنهم قالوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (المدثر: ٤٣ - ٤٧) وفي الصحيح من حديث الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم العلاء- امرأة من الأنصار- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات قالت أم العلاء:
رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله فمن؟ فقال: «أما هو فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير» ويستدل بهذه الآية الكريمة وهي قوله وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتا، فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب» ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم. وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة، وإنما المراد باليقين هاهنا الموت، كما قدمناه ولله الحمد والمنة. والحمد لله على الهداية، وعليه الاستعانة والتوكل، وهو المسئول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها؛ فإنه جواد كريم).
أقول: ويظهر أن هذا الاتجاه الذي رده ابن كثير موجود قديما وأصحابه كفار بلا شك، ومن ثم نجد الجنيد يقول عن ناس يتركون الصلاة لأنهم في زعمهم قد وصلوا قال: نعم وصلوا ولكن إلى سقر.
ولا زال هذا النوع من الصوفية الكفرة موجودين حتى الآن. وحكم الله فيهم أن يقتلوا أو يتوبوا.
[كلمة في سورة الحجر وعلاقتها بالسور التي بعدها]
تشبه سورة الحجر سورة الأعراف من ناحيتين:
١ - في أسلوبها، وكثير من مضامينها، ومعانيها، وكلماتها.