للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كثير: إلى آخرها والتي بعدها فهذه مصارف أموال الفئ ووجوهه. أقول: دلت الآية على أن مصرف الخمس في حال القتال هو مصرف الكل في هذه الحالة، أي: في حالة مثل حالة فئ بني النضير، فكل الأموال والغنائم لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وذكر اسم الله للبركة، وسهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته كانا له في حياته كما هو مذهب الحنفية، والفقراء من آل بيته يدخلون في فقراء المسلمين عامة، وعلى هذا فالفيء كله يوزع على اليتامى

والمساكين وابن السبيل في مثل هذه الحالة، وقد بين الله عزّ وجل الحكمة في ذلك بقوله: كَيْ لا يَكُونَ المال أو الفئ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ أي: دائرا بين الأغنياء منكم خاصة، وليس بين يدي الفقراء منه شئ. قال ابن كثير: (أي: جعلنا هذه المصارف لمال الفئ كيلا يبقى مأكلة يتقلب عليها الأغنياء ويتصرفون فيها بمحض الشهوات والآراء، ولا يصرفون منه شيئا إلى الفقراء). أقول: دل هذا التعليل على أن من الأهداف المراعاة في نظام المال في الإسلام ألا يتجمع المال بيد الأغنياء، ومن ثم حرم الله عزّ وجل الربا والاحتكار، وشرع نظام الإرث وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قال ابن كثير: (أي: مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر) وَاتَّقُوا اللَّهَ أن تخالفوه وتتهاونوا بأوامره ونواهيه إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ممن خالف الله ورسوله. قال ابن كثير:

أي اتقوه في امتثال أوامره وترك زواجره، فإنه شديد العقاب لمن عصاه وخالف أمره وأباه، وارتكب ما عنه زجره ونهاه،

وبعد أن بين الله عزّ وجل مصارف الفئ إجمالا فصل في ذلك. فقال: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ أي: جنته وَرِضْواناً قال ابن كثير: أي: خرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة الله وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي: وينصرون دين الله ويعينون رسوله أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ في إيمانهم وتقواهم وجهادهم

وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال ابن كثير: أي: سكنوا دار الهجرة من قبل المهاجرين وآمنوا قبل كثير منهم يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ حتى شاطروهم أموالهم وأنزلوهم منازلهم، وعرضوا عليهم أن ينزل من كانت له زوجتان عن إحداهما لأخيه إن شاء أن يتزوجها بعد انقضاء عدتها وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا أي: مما أوتي المهاجرون يعني أن نفوسهم لم تتبع ما أعطي المهاجرون، ولم تطمح إلى شئ منه تحتاج إليه. قال النسفي: وقيل لا يجدون في صدورهم مس

<<  <  ج: ص:  >  >>