للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنا فيما مضى، فإن الله قد أحسن إلينا، وجمعنا على خير. ويبدو أنه أمره بكتمان ذلك عنهم، وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه، وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده، معززا مكرما معظما

فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ أي هيأ أسبابهم، وأوفى الكيل لهم جَعَلَ السِّقايَةَ هي مشربة من فضة. وفي التوراة الحالية (وطاسي طاس الفضة تضع في فم عدل الصغير). فِي رَحْلِ أَخِيهِ أي في متاع بنيامين ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أي نادى مناد أَيَّتُهَا الْعِيرُ العير: هي الإبل التي عليها الأحمال والمراد: يا أصحاب الجمال إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فلما سمعوا التهمة

قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ أي صاعه الذي يكيل به وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ أي وسق بعير من طعام. مكافأة لمن حصله وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ أي كفيل أن أؤديه لمن جاء به،

فتعجبوا أن يرمى أمثالهم بمثل هذه التهمة، مع ما دل عليه حالهم من أمانتهم، إذ ردوا بضاعتهم التي وجدوها في رحالهم كما تذكر التوراة الحالية، لذلك قالوا قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ أي ما كنا نوصف قط بالسرقة. والمعنى: لقد تحققتم وعلمتم منذ عرفتمونا أنه ليس من سجايانا الإفساد والسرقة

قالُوا فَما جَزاؤُهُ الضمير يعود إما إلى السارق، أو إلى المسروق إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ أي في جحودكم وادعائكم البراءة، أي شئ تكون عقوبته إن وجدنا فيكم الآخذ

قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ أي السارق يدفع إلى المسروق منه، وفي التوراة الحالية (فقال نعم بحسب كلامكم هكذا يكون الذي يوجد معه يكون لي عبدا وأما أنتم فتكونون أبرياء) كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ أي هذه شريعتنا أن نجزي السراق بالاسترقاق، وهذا الذي أراد يوسف أن يصل إليه، ولهذا بدأ بأوعيتهم يفتشها قبل وعاء أخيه تورية

فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ أي فبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل وعاء بنيامين لنفي التهمة. وفي التوراة الحالية (ففتش مبتدئا من الكبير حتى انتهى إلى الصغير، فوجد الطاس في عدل بنيامين) ثُمَّ اسْتَخْرَجَها أي السقاية مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فأخذه منهم بحكم اعترافهم والتزامهم. وإلزامهم إلزاما لهم بما يعتقدونه، كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ أي مثل ذلك الكيد العظيم كدنا ليوسف، أي علمناه إياه، ثم فسر الله ما كاد ليوسف فقال: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ أي في شريعته، وإنما قيض الله له أن التزم له إخوته بما التزموه، وهو كان يعلم ذلك من شريعتهم إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أي ما كان ليأخذه إلا بمشيئة الله وإرادته فيه نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ هذا ثناء ضمني على يوسف إذ المعنى: نرفع

<<  <  ج: ص:  >  >>