خَلْقَهُمْ قال النسفي: يعني أنّهم يقولون ذلك من غير أن يستند قولهم إلى علم، فإنّ الله لم يضطرهم إلى علم ذلك، ولا تطرقوا إليه باستدلال، ولا أحاطوا به من خبر يوجب العلم، ولم يشاهدوا خلقهم حتى يخبروا عن المشاهدة سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ التي شهدوا بها على أنوثة الملائكة وبنوّتهم وَيُسْئَلُونَ عنها يوم القيامة قال ابن كثير: وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد
وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ أي لو شاء الله منا أن نترك عبادة الملائكة لحال بيننا وبين ذلك، قال ابن كثير: أي لو أراد الله لحال بيننا وبين عبادة هذه الأصنام التي هي على صور الملائكة التي هي بنات الله.
ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ .. أي: بصحة ما قالوه واحتجوا به إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أي يكذبون ويتقوّلون. وفي الفوائد كلام حول عبادة الملائكة في عصرنا.
ملاحظات حول السياق:[حول صلة المجموعتين الأولى والثانية ببعضهما البعض]
١ - رأينا أن المجموعة الأولى من المقطع بدأت بقوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وأن المجموعة الثانية بدأت بقوله تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً .. وقد ذكر النسفي الصلة بين المجموعتين فقال:(أي ولئن سألتهم عن خالق السموات والأرض ليعترفنّ، وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزءا).
٢ - نلاحظ أنّه قد مرّ معنا ردّ على دعوى الكافرين أن الملائكة بنات الله في قوله تعالى: أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ، ثمّ تأتي بقية الردّ فهذه آية تقول: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ فهل الحرف (أم) هنا آت كمعادل للهمزة هناك؟
هذا أحد اتجاهين يذكرهما النسفي في الآية، وأيّا ما كان الأمر فالآية تأتي استكمالا للردّ عليهم، وخلاصة الردّ: أنّ ادّعاءهم هذا لا يقوم عليه دليل، لا من المشاهدة الحسية، ولا من الوحي السابق ثم يسير السياق في تبيان سبب ضلالتهم.
أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ أي: من قبل القرآن أو من قبل قولهم هذا، أي:
من قبل شركهم فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ أي: آخذون عاملون، وإذ لم يكن الأمر كذلك فليس لهم في عبادتهم غير الله عزّ وجل برهان ولا دليل ولا حجة
بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ أي: على دين، فالأمة هنا من الأم وهو القصد. قال