الخاص والعام. فبعد أن قال الله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً بيّن أهمية هذه الطاعة التي هي الأمانة، التي هي التكليف، وبيّن خطورتها، وبعد أن أمر بالتقوى بيّن هاهنا أهمية التقوى، وسمّاها الأمانة، ومن هذا كله نعلم صلة المقطع كله بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
[فوائد]
[١، ٢ - كلام ابن كثير حول الآية (٦٩) وتعليق هام للمؤلف]
١ - بمناسبة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً قال ابن كثير: (روى البخاري عند تفسير هذه الآية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن موسى كان رجلا حييّا وذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً» هكذا أورد هذا الحديث هاهنا مختصرا جدا. وقد رواه في أحاديث الأنبياء بهذا السند بعينه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن موسى عليه السلام كان رجلا حييّا ستّيرا، لا يرى من جلده شئ؛ استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يتستّر هذا التّستّر إلا من عيب في جلده، إما برص، وإما أدرة، وإما آفة، وإن الله عزّ وجل أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى عليه السلام، فخلا يوما وحده فخلع ثيابه على حجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله عزّ وجل، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فو الله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا- قال- فذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً» وهذا سياق حسن مطول، وهذا الحديث من أفراد البخاري دون مسلم.
٢ - وبمناسبة هذه الآية قال ابن كثير: (وروى الإمام أحمد عن عبد الله قال: قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم قسما، فقال رجل من الأنصار إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، قال: فقلت: يا عدو الله، أما لأخبرنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بما قلت، فذكرت ذلك للنّبي صلّى الله عليه وسلم فاحمرّ وجهه، ثم قال: «رحمة الله على موسى فقد