للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وكانت أرض مصر تموج بالكهنة في شتى المعابد، وكان الكهنة هم الذين يزاولون أعمال السحر. ففى الوثنيات كلها تقريبا يقترن الدين بالسحر، ويزاول السحر كهنة الديانات وسدنة الآلهة! وهذه الظاهرة هي التي يلتقطها «علماء الأديان» فيتحدث بعضهم عن السحر كمرحلة من مراحل تطور العقيدة ويقول الملحدون منهم: إن الدين سيبطل كما بطل السحر، وإن العلم سينهي عهد الدين كما أنهى عهد السحر: إلى آخر هذا الخبط الذي يسمونه «العلم». ولنعد إلى التفسير الحرفي

فَغُلِبُوا أي فرعون وجنوده والسحرة هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ أي وصاروا أذلاء مبهوتين.

وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ أي وخروا سجدا لله فكأنما ألقوا إلقاء لشدة خرورهم. أو لم يتمالكوا مما رأوا فكأنهم ألقوا إلقاء ومن ثم عبر بقوله أُلْقِيَ.

قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ عرفوا أن فعل موسى ليس سحرا ولا يمكن أن يكون من صنع بشر فآمنوا بالله وبرسوليه موسى وهارون

قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ هذا توبيخ منه لهم قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ أي قبل إذني لكم إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها أي إن صنعكم هذا لحيلة احتلتموها أنتم وموسى في مصر قبل أن تخرجوا إلى الصحراء لغرض لكم وهو أن تخرجوا من مصر القبط وتسكنوا بني إسرائيل أو لتكون لكم الدولة والسلطان أنتم وموسى وتخرجوا أهل الدولة والسلطان الحقيقيين منها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ هذا وعيد مجمل فصله بما بعده

لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ أي من كل شق طرفا، من شق يد ومن شق رجل ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ بدون استثناء

قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ أي فلا نبالي بالموت لانقلابنا إلى لقاء ربنا ورحمته أو إنا جميعا- يعنون أنفسهم وفرعون- ننقلب إلى الله فيحكم بيننا

وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا أي وما تعيب منا إلا الإيمان بآيات الله أرادوا وما تعيب منا إلا ما هو أصل المناقب والمفاخر وهو الإيمان رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً أي اصبب علينا الصبر صبا ذريعا، أي هب لنا صبرا واسعا وأكثره علينا حتى يفيض علينا ويغمرنا كما يفرغ الماء إفراغا. وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ أي ثابتين على الإسلام

وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ أي أتترك مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ أي أرض مصر بالاستعلاء فيها وتغيير دين أهلها وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ أي ويتركك وما تعبد من آلهة.

ولقد كان لفرعون آلهة مزعومة وتروي أوراق البردى أن رعمسيس الثاني أصدر منشورا يدعو فيه إلى عبادة نفسه كما هو ثابت في الوثائق التاريخية والآثار المحفوظة، فهل

<<  <  ج: ص:  >  >>