للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

[تفسير الفقرة الأولى]

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قال ابن كثير: (أي قبل قومك يا محمد) قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا أي: نوحا عليه السلام، والملاحظ أن كلمة التكذيب وردت مرتين في الآية، قال النسفي معللا لذلك: ومعنى تكرار التكذيب أنهم كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب، كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب، أو كذبت قوم نوح الرسل، فكذبوا عبدنا أي لما كانوا مكذبين بالرسل، جاحدين للنبوة رأسا، كذبوا نوحا عليه السلام، لأنه من جملة الرسل وَقالُوا مَجْنُونٌ لم يكتفوا أن صرحوا له بالتكذيب بل اتهموه بالجنون، وزادوا على ذلك أن زجروه قال تعالى: وَازْدُجِرَ قال النسفي: (أي زجر عن أداء الرسالة بالشتم، وهدد بالقتل) قال ابن كثير:

(وقيل وازدجر أي انتهروه وزجروه وتوعدوه لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قاله ابن زيد وهذا متوجه حسن) ويحتمل أن يكون وَازْدُجِرَ تتمة لوصفهم إياه بالجنون، أي قالوا: هو مجنون، وقد ازدجرته الجن، وتخبطته، وذهبت بلبه وهو قول مجاهد، والأول أولى

فَدَعا نوح عليه السلام رَبَّهُ أَنِّي أي: بأني مَغْلُوبٌ أي: غلبني قومي فلم يسمعوا مني، واستحكم اليأس من إجابتهم لي فَانْتَصِرْ أي: فانتقم لي منهم بعذاب تبعثه عليهم. قال ابن كثير في الآية: (أي إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم فانتصر أنت لدينك)

قال تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ أي: منصب في كثرة وتتابع

وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً أي: وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر قال ابن كثير: (أي نبعث جميع أرجاء الأرض حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيونا) فَالْتَقَى الْماءُ أي: من السحاب والعيون المتفجرة من الأرض عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ أي: أمر مقدر، أي على حال قدرها الله كيف شاء، أو على أمر قد قدر في اللوح المحفوظ أنه يكون وهو هلاك قوم نوح بالطوفان

وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ أي: على سفينة، والدسر:

<<  <  ج: ص:  >  >>