[تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الأولى]
وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ قال النسفي: (أي: في من الصاحبة والولد، وفيك من الساحر والشاعر) وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا قال النسفي: (أي:
جانبهم بقلبك وخالفهم مع حسن المحافظة وترك المكافأة) قال ابن كثير: (يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله من كذبه من سفهاء قومه، وأن يهجرهم هجرا جميلا، وهو الذي لا عتاب معه
وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ قال ابن كثير:
أي: دعني والمكذبين المترفين أصحاب الأموال، فإنهم على الطاعة أقدر من غيرهم، وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم) وقال النسفي: أي: كلهم إلي فأنا كافيهم وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا أي: ومهلهم إمهالا قليلا،
ثم علل لهذين الأمرين بقوله:
إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا أي: قيودا ثقالا للكافرين في الآخرة وَجَحِيماً أي: نارا محرقة
وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ قال النسفي: أي: الذي ينشب في الحلوق فلا ينساغ، قال ابن كثير: قال ابن عباس: ينشب في الحلق فلا يدخل ولا يخرج وَعَذاباً أَلِيماً أي: شديد الألم،
ثم بين متى يكون ذلك كله فقال يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ أي: تتحرك حركة شديدة أي: تتزلزل وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً أي: رملا مجتمعا مَهِيلًا أي: سائلا بعد اجتماعه، قال ابن كثير: أي: تصير ككثبان الرمال بعد ما كانت حجارة صماء، ثم إنها تنسف نسفا، فلا يبقى منها شئ إلا ذهب حتى تصير الأرض (قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا) أي: واديا (ولا أمتا) أي: رابية ومعناها: لا شئ منخفض، ولا شئ يرتفع،
ثم خاطب الله عزّ وجل سائر الناس، ومجئ هذا الخطاب في هذا السياق بمثابة التعليل لاستحقاق الكافرين العذاب، إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا يعني: محمدا عليه الصلاة والسلام شاهِداً عَلَيْكُمْ قال ابن كثير: أي: بأعمالكم، وقال النسفي: (أي: يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم) كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا يعني: موسى عليه السلام
فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ أي: موسى عليه السلام فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا أي: شديدا غليظا، قال ابن كثير: (أي: فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسول فيصيبكم ما أصاب فرعون، حيث أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ... وأنتم أولى بالهلاك والدمار إن كذبتم رسولكم؛ لأن رسولكم أشرف وأعظم من موسى بن عمران)
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً من شدة أهواله وزلازله