الدخول في الإسلام كله، والدخول في الإسلام كله يعني: الالتزام الكامل بوحي الله، والالتزام الكامل بوحي الله لا يقبل مساومة ولا مداهنة، فإن ساوم أهل ذلك أو داهنوا استحقوا العذاب الدنيوي مضاعفا، والعذاب الأخروي مضاعفا، كما أن الالتزام بالوحي كاملا سيقابل من أعداء الله بالإيذاء الذي قد يكون منه الإخراج من الأرض، وكل ذلك لا ينبغي أن يلتفت إليه، هذا ما ذكرته الفقرتان السابقتان. والآن لنتذكر صلة ما مرّ معنا بمحور السورة: تأمل هذه الآيات: فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا وإِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ووَ إِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا. إذا تأملت هذا وصلته بقوله تعالى في سورة البقرة: وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وإذا تأملت قوله تعالى:
ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً فإنك ترى كيف أن المقطع يفصّل في محوره من سورة البقرة أي تفصيل.
وبعد ما رأيناه من المقطع تأتي الآن مجموعة أوامر موجّهة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومجئ الأوامر في هذا السياق يفيد: أن تنفيذ هذه الأوامر هو الردّ على محاولات الحرف أو الإخراج، وهو التعبير العملي عن شكر النعمة، وهو الشئ الذي يستعان به في عبور سفينة الحياة بهذا الإسلام.
أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ أي لزوالها إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ أي إلى ظلمته دخل في ذلك الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء وَقُرْآنَ الْفَجْرِ أي وأقم قرآن الفجر أي صلاته،
وسميت الصلاة بالقرآن لكون القراءة ركنا فيها، كما سميت ركوعا وسجودا، أو سميت قرآنا لطول ما يقرأ بها من القرآن إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً أي إن صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، كما أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر» يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً وعلى هذا فإن الأمر في الآية يفسّر بإقامة الصلوات الخمس المكتوبة في أوقاتها. وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تواترا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات على ما عليه أهل الإسلام اليوم، مما تلقوه خلفا عن سلف. وقرنا بعد قرن.