للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفطرة التي تحسّ بقانون السببية في أعماقها. كما أن في الآية تذكيرا بعلم الله وقدرته، فعلم الله المحيط بالأشياء لا تغيب عنه ذرات الإنسان وقدرة الله الكاملة لا يعجزها أن تعيد هذا الإنسان. ومن ثمّ فبعد هذه الآية مباشرة جاء الكلام عن اليوم الآخر.

فالمقطع إذن كبقية المقاطع؛ من حيث إنه حديث عن الله واليوم الآخر بل إنك لتجد تشابها كاملا بين بداية المقطع هنا وبداية المقطع الأول، لاحظ أنّه قد جاء في بداية المقطع الأول:

اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ... ولاحظ هنا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ... وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ....

٣ - إن الصلة بين الآيات التي مرّت معنا من المقطع الرابع، وبين ما قبلها مباشرة واضحة. فبعد أن حدثنا الله عزّ وجل عن صمم الكافرين وعماهم، وموت قلوبهم، وعظ الإنسان هذه الموعظة البليغة. فذكّره بعجزه أولا، وعجزه آخرا.

وذكّره بتنقيله له من حال إلى حال. وذكّره بما سيقوله يوم القيامة، وكل ذلك ليتعظ هذا الإنسان ويتذكّر. ولذلك نجد الآية التي تأتي بعد هذا مباشرة هي قوله تعالى:

وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فلنمض في التفسير:

...

وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ أي قد بيّنا لهم الحقّ ووضّحناه لهم، وضربنا لهم من الأمثال ليستبينوا الحق ويتّبعوه وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ أي لو رأوا أي آية كانت- سواء كانت باقتراحهم أو غيره- لا يؤمنون بها، ويعتقدون أنها سحر وباطل. قال النسفي في الآية:

(أي ولقد وصفنا لهم كل صفة كأنها مثل في غرابتها، وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن، كصفة المبعوثين يوم القيامة وقصتهم، وما يقولون، وما يقال لهم، وما لا ينفع من اعتذارهم، ولا يسمع من استعتابهم، ولكنهم لقسوة قلوبهم إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا: جئتنا بزور وباطل).

كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أي مثل ذلك الطبع:

وهو الختم يطبع الله على قلوب الجهلة الذين علم الله منهم اختيار الضلال، حتى إنّهم ليسمّون الأشياء بأضدادها فيسمّون المحقّ مبطلا، والظالم عادلا، والعادل ظالما،

<<  <  ج: ص:  >  >>