انتهاكه؛ فإن الله سيصليه نارا، وأن إصلاءه هذه النار ليس صعبا على الله. وفي هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد. فليحذر منه كل عاقل لبيب.
وفى الآية الثالثة، قعد الله- عزّ وجل- قاعدة وهي: أننا إذا اجتنبنا الكبائر؛ غفر الله لنا الصغائر؛ وأدخلنا باجتناب الكبائر جنته، وقد فهم من ذلك من فهم- كما سنرى إن شاء الله- أن ما ذكر فى المحرمات فيما مضى من سورة النساء قبل هذه القاعدة كبائر يجب اجتنابها.
وفي الآية الرابعة نهى الله الرجال أن يتمنوا ما خص به النساء، ونهى النساء أن يتمنين ما خص به الرجال، ومن ذلك: ما خص به النساء في الإرث، وما خص به الرجال في الإرث، وأن كلا من الرجال والنساء، مجزي على عمله ونيته بما يستحقه، وأمر الله الجميع رجالا، ونساء أن يسألوه من فضله. فإنه كريم وهاب.
وختم الله الآية، بالإعلام أنه بكل شئ عليم. وهي في هذا المقام تفيد أنه إن خص الرجال بشيء فبعلم، وإن خص النساء فبعلم، وإن أعطى فبعلم، وإن جازى فبعلم، وإن سئل فإنه يعلم؛ وبعلم يعطي.
وبمناسبة الكلام عن عدم أكل أموال الناس بالباطل، وعدم تمني ما فضل الله به بعض الناس على بعض، وعدم تمني النساء ما للرجال، والعكس، تأتي القاعدة: أن لكل من الرجال، والنساء جعل الله ورثة، يرثون ما تركه الوالدان والأقربون، مما هو مقرر في وصية الإرث، ويذكر الله هنا صورة تسمى عند فقهاء الحنفية ومن وافقهم- والتي يعتبرها غيرهم منسوخة- بعقد مولى الموالاة: وهو الرجل من غير العرب إذا أسلم وليس له وارث معروف، فيتعاقد مع عربي أن يرثه العربي المسلم إذا لم يكن وارث أحق، ويعقل عنه العربي إذا جنى أي جناية تستوجب العقل، فهؤلاء الذين عقدوا هذا العقد يورثون من مواليهم إذا لم تكن قرابة أولى كما رأينا، فههنا وعلى هذا الفهم للآية يأمر الله- عزّ وجل- في هذا السياق أن يعطى هؤلاء نصيبهم من التركة، ويذكرنا الله- عزّ وجل- بأنه الشهيد على كل شئ. ويفيد هذا المعنى في هذا السياق: أن الله شاهد على عقودكم ففوا بها.
[المعنى الحرفي]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ. أي: لا تأكلوا أموالكم