للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفوائد وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما سنرى تفصيلات الحوار في الفوائد، ومن رواياته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لها: «ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه» ومن رواياته أنه قال لها: «ما أمرنا في أمرك بشيء» وفي تلك اللحظة نزل الوحي بهذه الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيها الفرج والمخرج إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع شكوى المضطر بَصِيرٌ بحاله،

ثم بين الله عزّ وجل حكم الظهار الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ أي: من العرب. قال النسفي: توبيخ للعرب لأنه كان من أيمان أهل جاهليتهم خاصة، دون سائر الأمم. والإمام مالك يرى أن الخطاب للمؤمنين، وبنى عليه حكما كما سنرى في الفوائد، وكون الخطاب للمؤمنين هو الذي عليه الجمهور، وإن خالفوا الإمام مالك في ما بناه عليه. مِنْ نِسائِهِمْ أي: من زوجاتهم، واستدل الجمهور بهذا النص على أن الأمة لا ظهار منها، ولا تدخل في هذا الخطاب ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ قال ابن كثير: (أي: لا تصير المرأة بقول الرجل أنت علي كأمي أو مثل أمي أو كظهر أمي وما أشبه ذلك لا تصير أمه بذلك، إنما أمه التي ولدته. قال النسفي: (يريد أن الأمهات على الحقيقة الوالدات، والمرضعات ملحقات بالوالدات بواسطة الرضاع، وكذا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيادة حرمتهن، وأما الزوجات فأبعد شئ من الأمومة). فلذا قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ أي: تنكره الحقيقة والأحكام الشرعية وَزُوراً أي: وكذبا باطلا منحرفا عن الحق وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ قال ابن كثير: (أي: عما كان منكم في حال الجاهلية وهكذا أيضا عما خرج من سبق اللسان، ولم يقصد إليه المتكلم كما رواه أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لامرأته يا أختي فقال: «أختك هي؟» فهذا إنكار ولكن لم يحرمها عليه بمجرد ذلك لأنه لم يقصده، ولو قصده لحرمت عليه لأنه لا فرق على الصحيح بين الأم وبين غيرها من سائر المحارم من أخت وعمة وخالة وما أشبه ذلك)،

وبعد أن بين الله عزّ وجل في الآية السابقة أن الظهار من قائله منكر وزور، بين في الآية التالية حكم الظهار فقال: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا أي: يعودون لنقض ما قالوا أو لتداركه أو تحليل ما حرموا قال النسفي: ثم اختلفوا أن النقض بماذا يحصل؟ فعندنا- أي: الحنفية- بالعزم على الوطء وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة، وعند الشافعي بمجرد الإمساك، وهو ألا يطلقها عقيب الظهار فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ قال النسفي- وهو حنفي-: فعليه إعتاق رقبة مؤمنة أو كافرة، ولم يجز المدبر وأم الولد والمكاتب الذي أدى شيئا، أقول: وعند

<<  <  ج: ص:  >  >>