للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ أي هذه آيات القرآن المبين الواضح الجلي، الذي يفصل بين الحق والباطل، والغي والرشاد، الظاهر إعجازه وإنه من عند الله.

وهل الإشارة في قوله (تلك) إلى القرآن كله، أو إلى هذه السورة خاصة؟ قولان للعلماء.

لَعَلَّكَ من الإشفاق باخِعٌ أي مهلك نَفْسَكَ أي مما تحرص وتحزن عليهم أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أي لامتناع إيمانهم، أو خيفة ألا يؤمنوا.

والمعنى: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة وحزنا على ما فاتك من إسلام قومك، وقد دلت الآية على أن حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كبيرا على شرود قومه. وفي الآية تسلية من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في عدم إيمان من لم يؤمن به من الكفار، بعد أن قامت الحجة عليهم بهذا القرآن

إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ. أي منقادين. قال ابن كثير في الآية: (أي لو نشاء لأنزلنا آية نضطرهم إلى الإيمان قهرا ولكن لا نفعل ذلك؛ لأنا لا نريد من أحد إلا الإيمان الاختياري) وهذا يدل على أن الله قد أنزل من الآيات ما يكفي. وعنده المزيد لو شاء، ولكن أنزل بالقدر الذي تقوم به الحجة، ويتم به الامتحان

وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ قال ابن كثير: أي كلما جاءهم كتاب من السماء أعرض عنه أكثر الناس.

وقال النسفي: (أي وما يجدد لهم الله بوحيه موعظة وتذكيرا إلا جددوا إعراضا عنه وكفرا به) هذا مع قيام الحجة وظهور الإعجاز ومرافقة المعجزات

فَقَدْ كَذَّبُوا أي بما جاءهم من الحق فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ أي أخبار ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ هذا وعيد لهم وإنذار بأنهم سيعلمون إذا مسهم عذاب الله في الدنيا أو في الآخرة ما

هو هذا القرآن الذي كانوا يستهزءون به، وسيأتيهم أنباؤه، وأحواله التي كانت خافية عنهم

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ أي صنف من النبات كَرِيمٍ أي محمود كثير المنفعة يأكل منه الناس والأنعام

إِنَّ فِي ذلِكَ أي في إثبات تلك الأصناف لَآيَةً أي دلالة على قدرة الخالق وخلقه للأشياء وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ مع وجود الآية

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ في انتقامه من الكفرة، أو العزيز الذي عز على كل شئ وقهره وغلبه الرَّحِيمُ أي بخلقه فلا يعجل على من عصاه، بل يؤجله وينظره، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر. أو الرحيم بمن تاب إليه وأناب.

<<  <  ج: ص:  >  >>