أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات، ويجعلوا مظنة لها، وتكرير (في) يفيد فضل ترجيح صنفي: في سبيل الله، وابن السبيل، على الرقاب، والغارمين، وعلى هذا فأفضل ما تنفق فيه الزكاة: الإنفاق على الغزاة، وابن السبيل، هذا ما أفاده النسفي. وهل لا بد من صرف الزكاة إلى الأصناف الثمانية، أو أنه يكفي أن تصرف إلى بعضها؟ قولان.
الحنفية والمالكية على الثاني، والشافعية على الأول. وقد أسقط الصحابة سهم المؤلفة قلوبهم في صدر خلافة أبي بكر رضي الله عنه لأن الله أعز الإسلام وأغنى عنهم، فإذا عاد الإسلام إلى غربته ثم عادله سلطانه على ضعف فلا شك في جواز إعادة سهم المؤلفة قلوبهم، وبهذا ينتهي المعنى الحرفي لهذه المجموعة التي حددت مواصفات صنف من المنافقين، وجاءت آية الزكاة في سياق تحديد مواصفات هذا الصنف للحكمة التي رأيناها وقبل أن ننتقل إلى المجموعة الرابعة التي تحدد مواصفات صنف آخر من أصناف المنافقين نذكر الفوائد التي لها علاقة بهذه المجموعة.
[فوائد]
١ - في سبب نزول قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ قال ابن كثير:
(قال ابن جريج: أخبرني داود بن عاصم قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت، قال: ووراءه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل فنزلت هذه الآية، وقال قتادة في هذه الآية: وذكر لنا أن رجلا من أهل البادية حديث عهد بأعرابية أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهبا وفضة، فقال: يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:«ويلك فمن ذا الذي يعدل عليك بعدي؟» ثم قال نبي الله: «احذروا هذا وأشباهه فإن في أمتي أشباه هذا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم».
وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:«والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه إنما أنا خازن». وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان ... عن أبي سعيد في قصة ذي الخويصرة واسمه حرقوص لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين فقال له: اعدل فإنك لم تعدل. فقال:«لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل». ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه مقفيا «إنه يخرج من ضئضيء هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء).