ذلك العتاب، وعرف كل مؤمن أن الأمر جد، والحساب دقيق، جاء النداء آمرا كل مؤمن بوقاية نفسه وأهله من عذاب الله.
٢ - قبيل آيتي محور سورة التحريم ورد قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ لاحظ قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ، ثم نذكر أن آية المحور الأولى قد ورد فيها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا فبناء على الموقف من القرآن يحكم بالكفر أو بالإيمان، ويستحق الإنسان الجنة أو النار التي وقودها الناس والحجارة. ومن رؤية معاني سورة البقرة، وصلة النداء هاهنا فيها نستطيع أن نقدر ما يدخل في هذا النداء: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا بالإيقان بهذا القرآن، وبأنه منزل من عند الله على رسول الله، وبالتسليم له، وبالعلم بأنه الحق من عند الله، ولا تكونوا كالكافرين في شكهم وارتيابهم واعتراضهم وأخلاقهم التي بسببها أضلهم الله؛ بما نقضوا من مواثيق، وبما قطعوا من أرحام، وبما أفسدوا في الأرض إن الأمر بوقاية النفس والأهلين من النار إنما يكون بالوفاء، وبالصلة، وبالإصلاح.
٣ - ولما كان الإنسان لا يخلو من ذنب فإن النداء الثاني يأتي مطالبا بالتوبة النصوح كبداية طريق للسير في الوقاية من النار.
[النداء الثاني]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً أي: صادقة أو خالصة، قال النسفي: أي: توبة ترفو خروقك في دينك، وترم خللك، ويجوز أن يراد توبة تنصح الناس أي: تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها، وقال ابن كثير: أي: توبة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من السيئات، وتلم شعث التائب وتجمعه وتكفر عما كان يتعاطاه من الدناءات عَسى رَبُّكُمْ قال ابن كثير:(وعسى من الله موجبة) ولذا قالوا: لم يزل الملوك والرؤساء والأمراء يجيبون بعسى، ولعل، ويقع منهم ذلك- عادة- موقع القطع والبت، فكيف لا تكون (عسى) من ملك الملوك موجبة، ومن ثم فتكفير السيئات بالتوبة النصوح