قال ابن جريج: قلت لعطاء: أين المزدلفة؟. قال:(إذا أفضت من مأزمي عرفة فذلك إلى محسر. قال: وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة. ولكن مفضاهما قال:
فقف بينهما إن شئت. قال: وأحب أن تقف دون قزح. هلم إلينا من أجل طريق الناس). وسمي المشعر الحرام: مزدلفة، لأن الناس يزدلفون فيها إلى بيت الله.
ويتقربون إليه بذلك. وسمي جمعا لأن الناس يجمعون فيها بين الصلاتين. صلاة المغرب والعشاء.
[المعنى الحرفي للنص]
فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ: أي دفعتم أنفسكم بكثرة من عرفات. فَاذْكُرُوا اللَّهَ أي: بالتلبية، والتهليل، والتكبير، والثناء، والدعوات. أو بصلاة المغرب والعشاء. عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ: عند جبل قزح في المزدلفة. ولا يعني هذا أنه لا يصح الوقوف إلا عند الجبل. بل المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر. ولكن خير الموقف ما كان عند قزح. والدفع من عرفات إنما يكون بعد الغروب. والوقوف الواجب في مزدلفة عند الحنفية بعد الفجر. والدفع من مزدلفة إلى منى قبل شروق الشمس. هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[فوائد]
١ - ذكر حتى الآن في هذه الآية من مناسك الحج: الإحرام، والوقوف بعرفات، والوقوف بالمزدلفة. والإحرام الركن عند الحنفية هو نية الحج والتلبية. أما لبس غير المخيط، وكونه من الميقات، فواجبان. والوقوف- الركن- بعرفات عند الحنفية، الكون في عرفات ولو لحظة ما بين الزوال والفجر نائما، أو مستيقظا ولو مارا إذا كان ناويا الحج. وأن يكون جزء منه بالليل، وجزء منه في النهار؛ فهذا واجب.
ويجب عندهم تأخير المغرب إلى العشاء، وصلاتهما في المزدلفة. والوقوف في مزدلفة عندهم واجب. والوقوف الواجب: هو الكون في المزدلفة بعد الفجر، وقبل الشمس، ولو لحظة واحدة.
٢ - روى الحاكم في مستدركه، وابن مردويه عن المسور بن مخرمة قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفات فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: أما بعد- وكان إذا خطب خطبة قال أما بعد- فإن هذا اليوم الحج الأكبر. ألا وإن أهل الشرك والأوثان