للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاحبه كافرا في الأصل- ولا يكون عزيرا المشهور باستقامته؟ أو أنه من باب الاعتراف بالعجز عن معرفة طريقة الإحياء، واستعظام لقدرة المحيي؟ أو أراد أن يعاين

إحياء الموتى، ليزداد بصيرة؟ أو أنه سؤال عن سنة الله في إحياء أمثال هذه؟ وفي هذه الحالات، يكون المتسائل مؤمنا وهو الأرجح. فيكون المعنى: كيف يحيي الله هذه القرية بعد هذا الموت فيها لا ساكن، ولا سكن. فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي: أحياه. قالَ كَمْ لَبِثْتَ: القائل هنا ملك، عن الله. قال: كم مكثت؟ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ: قال ذلك مجتهدا. ويبدو أنه مات ضحى، وبعث قبل غيبوبة الشمس. فقال يوما، أو بعض يوم. إذ رأى الشمس باقية. فظنها أنها شمس ذلك اليوم. قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ.

بعد هذا القول، أراه عجيبين: طعامه لم يتغير، بينما حماره تفرقت عظامه ونخرت. فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أي: لم يتغير. وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ: كيف تفرقت عظامه ونخرت. وكيف يحييه الله وأنت تنظر. وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ أي: دليلا على المعاد، ودليلا على قدرة الله وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها أي كيف نحركها، ونرفع بعضها إلى بعض للتركيب. ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً أي: ثم نكسو العظام لحما. فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:

أي: فلما تبينت له قدرة الله، قال: أعلم علم يقين ورؤية، أن الله على كل شئ قدير، فلا يعجز الله شئ.

[فائدة]

نلاحظ أن السياق قد استمر في الكلام عن الله، بالكلام عن قدرته على إحياء الموتى.

فالكلام عن إحياء الموتى يأتي في سياق الكلام عن الله عزّ وجل في هذه الآية والتي تليها، وفي هذا كله تذكير بالله، واليوم الآخر، لتأتي بعد ذلك آيات الإنفاق.

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى. قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

[المعنى العام]

يقول تعالى: واذكروا إذ سأل إبراهيم ربه أن يريه كيفية إحياء الموتى. وقال العلماء: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>