أشهر، وكان لا يمر على قوم إلا قالوا: انظروا إلى هذا المرائي، فأقبل على نفسه فقال:
لا أراني أذكر إلا بشر، لأجعلن عملي كله لله عزّ وجل، فلم يزد على أن قلب نيته، ولم يزد على العمل الذي كان يعمله، فكان يمر بعد بالقوم فيقولون: رحم الله فلانا الآن، وتلا الحسن إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا وقد روى ابن جرير أثرا «أن هذه الآية نزلت في هجرة عبد الرحمن بن عوف» وهو خطأ فإن هذه السورة بكمالها مكية، لم ينزل منها شئ بعد الهجرة، ولم يصح سند ذلك والله أعلم.
[كلمة في سورة مريم ومجموعتها]
رأينا أنه بسورة مريم اختتمت المجموعة الثانية من القسم الثاني من أقسام القرآن، ورأينا أن هذه المجموعة تألفت من خمس سور: الأولى منها كالمقدمة للسور الأربع الأخيرة. ورأينا أن السور الأربع الأخيرة قد فصّلت الآيات الواردة في حيّز قوله تعالى ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ففصّلتها، وخدمت موضوع الدخول في السلّم كافة.
فإذا تذكّرنا أن سورة البقرة نزلت في المدينة، وأن هذه السور الخمس نزلت في مكة، ثمّ رأينا مثل هذا الترتيب العجيب، والتفصيل المدهش، والتناسق الكامل.
والتنسيق بين سور القرآن بما يخدم بعضه بعضا، أدركنا أن مثل هذا لا يمكن أن يكون، لولا أن هذا القرآن كتاب الله رب العالمين.
وبهذا نختتم الكلام عن المجموعة الثانية من القسم الثاني من أقسام القرآن، ولننتقل إلى المجموعة الثالثة والأخيرة من القسم الثاني من قسم المئين.