(غير أنه يحسن- بهذه المناسبة- تقرير أن نظرية النشوء والارتقاء لدارون القائلة: بأن الأنواع تسلسلت من الخلية الواحدة إلى الإنسان في أطوار متوالية؛ وأن هناك حلقات نشوء وارتقاء متّصلة تجعل أصل الإنسان المباشر حيوانا فوق القردة العليا ودون الإنسان .. أن هذه النظرية غير صحيحة في هذه النقطة وأن كشف عوامل الوراثة- التي لم يكن دارون قد عرفها- تجعل هذا التطور من نوع إلى نوع ضربا من المستحيل. فهناك عوامل وراثة كامنة في خلية كل نوع تحتفظ له بخصائص نوعه؛ وتحتّم أن يظل في دائرة النوع الذي نشأ منه، ولا يخرج قط عن نوعه ولا يتطوّر إلى نوع جديد. فالقط أصله قط وسيظل قطا على توالي القرون. والكلب كذلك.
والثور. والحصان. والقرد. والإنسان. وكل ما يمكن أن يقع- حسب نظريات الوراثة- هو الارتقاء في حدود النوع نفسه. دون الانتقال إلى نوع آخر. وهذا يبطل القسم الرئيسي في نظرية دارون التي فهم ناس من المخدوعين باسم العلم أنها حقيقة غير قابلة للنقض في يوم من الأيام!).
كلمة في السياق:[حول صلة المجموعة الأولى بالمقدمة وبالمحور]
لقد حدّثتنا الآيات عن الله عزّ وجل أنه الخالق، وأنّه المدبّر، وأنه عالم الغيب والشهادة، وأنه الذي أحسن خلق كل شئ، وأنه خالق الإنسان، والجاعل له السمع والأبصار والأفئدة.
وهذا كله يقتضي أن يدبر الله أمر عباده، وأن يرسل لهم رسولا، وأن ينزل عليهم وحيا، ومن ثمّ كان هذا القرآن.
وحدثتنا الآيات عن التذكر والشكر أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ. قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ والتذكّر والشكر يحتاجان إلى مذكّر ودليل على الشكر، ومن ثمّ كان هذا القرآن.
فالمجموعة بكل ما فيها- وما فيها أكثر مما ذكرناه- تؤكّد ما مر في المقدمة بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.
إنها تذكر وتقرّر أنّ شأن الله عظيم، وأنّ من شأنه تعالى أن يرسل رسولا، وأن ينزل كتابا. فإذا تذكّر الإنسان هذا، ورأى خصائص هذا القرآن، عرف أنّ هذا القرآن من عند الله لا شك في ذلك ولا ريب. وإذ قرر الله في نهاية الآيات السابقة قلة شكر