للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غنى. وقال يحيى: الفقر خير للعبد من الغنى؛ لأن المذلة في الفقر، والكبر في الغنى، والرجوع إلى الله بالتواضع والذلة، خير من الرجوع إليه بتكثير الأعمال. وقيل صفة الأولياء ثلاثة: الثقة بالله في كل شئ، والفقر إليه في كل شئ، والرجوع إليه من كل شئ. وقال الشبلي: الفقر يجر البلاء وبلاؤه كله عز).

٢ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ .. ]

بمناسبة قوله تعالى: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى قال ابن كثير:

(قال عكرمة في قوله تعالى: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها الآية قال: هو الجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول: يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني، وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة، فيقول له: يا مؤمن إن لي عندك يدا، قد عرفت كيف كنت لك في الدنيا، وقد احتجت إليك اليوم، فلا يزال المؤمن يشفع له عند ربه حتى يردّه إلى منزل دون منزله وهو في النار، وإن الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة فيقول:

يا بني أي والد كنت لك؟ فيثني خيرا، فيقول له: يا بنيّ إني قد احتجت إلى مثقال ذرّة من حسناتك أنجو بها مما ترى، فيقول له ولده، يا أبت ما أيسر ما طلبت، ولكني أتخوّف مثل ما تتخوّف فلا أستطيع أن أعطيك شيئا، ثم يتعلق بزوجته فيقول:

يا فلانة- أو يا هذه- أي زوج كنت لك؟ فتثني خيرا، فيقول لها: إني أطلب إليك حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو بها مما ترين، قال فتقول: ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا إني أتخوّف مثل الذي تتخوّف، ويقول الله تعالى: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها الآية، ويقول تبارك وتعالى: لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً [لقمان: ٣٣]، ويقول تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس: ٣٤ - ٣٧]. رواه ابن أبي حاتم رحمه الله).

٣ - [كلام النسفي بمناسبة آية وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ وتعليق المؤلف على ذلك]

وبمناسبة قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ قال النسفي:

(أي وما من أمة قبل أمتك. والأمة: الجماعة الكثيرة وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ ويقال لأهل كل عصر أمة، والمراد هنا أهل العصر، وقد كانت آثار النذارة باقية فيما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، فلم تخل تلك الأمم من نذير، وحين اندرست آثار نذارة عيسى عليه السلام بعث محمد عليه الصلاة السلام إِلَّا خَلا مضى فِيها نَذِيرٌ يخوّفهم وخامة الطغيان، وسوء عاقبة الكفران، واكتفى بالنذير عن

<<  <  ج: ص:  >  >>