د- روى ابن جرير عن السدي في قوله: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ لما كان يوم بدر قال الأخنس ابن شريق لبني زهرة: يا بني زهرة، إن محمدا ابن أختكم، فأنتم أحق من ذبّ عن ابن أخته، فإنه إن كان نبيا لم تقاتلوه اليوم، وإن كان كاذبا كنتم أحق من كفّ عن ابن أخته، قفوا هاهنا حتى ألقى أبا الحكم، فإن غلب محمد رجعتم سالمين، وإن غلب محمد فإن قومكم لم يصنعوا بكم شيئا- فيومئذ سمي الأخنس وكان اسمه أبيّ- فالتقى الأخنس وأبو جهل، فخلا الأخنس بأبي جهل، فقال: يا أبا الحكم أخبرني عن محمد، أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا من قريش غيري وغيرك يستمع كلامنا؟ فقال أبو جهل: ويحك والله إن محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والسّقاية والحجابة والنّبوة فماذا يكون لسائر قريش؟ فذلك قوله:
فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ فآيات الله محمد صلّى الله عليه وسلّم».
بين يدي المجموعة السادسة: قلنا إن المجموعات الثلاث الأخيرة تشكل كلا متكاملا يبدأ بقوله تعالى: وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا ولكنّا عرضناها على أنهّا ثلاث مجموعات لسهولة العرض، وإلا فإنها تكاد تكون فقرة واحدة تبدأ بقوله تعالى:(وقالوا) والآن تأتي مجموعة مبدوءة بقوله تعالى: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ فكأنها معطوفة على وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا ولسهولة العرض فإننا سنعرض المجموعة اللاحقة على أنها المجموعة السادسة في الجولة، وإنما أشرنا إلى هذا ليعلم أن الجولة يمكن أن تقسم تقسيمات أخرى كأن نقسمها إلى فقرات، وكل فقرة إلى مجموعات. فلننتقل إلى المجموعة السادسة:
[المجموعة السادسة]
وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ. أي: هلّا أنزل عليه خارق على مقتضى ما كانوا يريدون ويتعنتون قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً كما اقترحوا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ. أي: لا يعلمون أنّ الله قادر على أن يأتي بآية، ولا يعلمون ما يترتب على نزول الآية المقترحة من عذاب عاجل لمن كفر،
ثم لفت النظر إلى آياته في الكون وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ الدابّة: اسم لما يدبّ، وتقع على المذكر والمؤنّث وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ قيّد الطيران بالجناحين لنفي المجاز إِلَّا أُمَمٌ