للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعرفون إلا ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم؟ لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشر حال بعث عليها نبيا من الأنبياء، في فترة جاهلية، ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل، وفرق بين الوالد وولده، إن كان الرجل ليرى والده وولده وأخاه كافرا، وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وإنها التي قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه.

٢٢ - بمناسبة قوله تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً قال ابن كثير: قال ابن عباس والحسن والسدي وقتادة والربيع بن أنس: أئمة يقتدى بنا في الخير. وقال غيرهم هداة مهتدين دعاة إلى الخير، فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع، وذلك أكثر ثوابا، وأحسن مآبا، ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعوا له، أو علم ينتفع به من بعده، أو صدقة جارية».

[كلمة في سورة الفرقان]

نلاحظ أن آية كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ قد فصلتها نوع تفصيل سورة مريم. ثم جاءت سورة الفرقان ففصلتها تفصيلا آخر، وعند ما نجد آية في سورة البقرة تفصل مرة بعد مرة، فهذا يفيد أن هذه الآية قد تعرضت لمعنى مهم جدا. وفي هذه الحالة فإن كل سورة تفصلها تكمل الأخرى في تعميق كل ما له علاقة في موضوعها.

...

ومن ثم نلاحظ أن سورة مريم عرضت لذكر الرسل، وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن خلف الرسل خلف سوء، وكيف أن محمدا أنزل عليه القرآن لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا ثم جاءت سورة الفرقان تعرض بشكل مباشر مواقف الكافرين من البشير النذير، ومن الكتاب الذي أنزل عليه، وترد الردود المفحمة والقاطعة، ولذلك فإنك تجد في السورة الحجج البالغة العجيبة:

<<  <  ج: ص:  >  >>