إنه قدر الله النافذ، الشامل، الدقيق، العميق.
وأحيانا يرى البشر طرف الخيط القريب، ولا يرون طرفه البعيد. وأحيانا يتطاول الزمن بين المبدأ والمصير في عمرهم القصير، فتخفى عليهم حكمة التدبير. فيستعجلون ويقترحون. وقد يسخطون. أو يتطاولون!
والله يعلمهم في هذا القرآن أن كل شئ بقدر ليسلموا الأمر لصاحب الأمر، وتطمئن قلوبهم وتستريح ويسيروا مع قدر الله في توافق وفي تناسق، وفي أنس بصحبة القدر في خطوه المطمئن الثابت الوثيق).
٩ - بمناسبة قوله تعالى: وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ قال ابن كثير:
(وقد روى الإمام أحمد عن عوف بن الحارث وهو ابن أخي عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالبا» ورواه النسائي وابن ماجه من طريق سعيد بن مسلم بن بانك المدني، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم. وقد رواه الحافظ ابن عساكر في ترجمة سعيد بن مسلم هذا من وجه آخر. ثم قال سعيد فحدثت بهذا الحديث عامر بن هشام فقال لي ويحك يا سعيد ابن مسلم لقد حدثني سليمان بن المغيرة أنه عمل ذنبا فاستصغره فأتاه آت في منامه فقال له يا سليمان:
لا تحقرن من الذنوب صغيرا ... إن الصغير غدا يعود كبيرا
إن الصغير ولو تقادم عهده ... عند الإله مسطر تسطيرا
فازجر هواك عن البطالة لا تكن ... صعب القياد وشمرن تشميرا
إن المحب إذا أحب إلهه ... طار الفؤاد وألهم التفكيرا
فاسأل هدايتك الإله بنية ... فكفى بربك هاديا ونصيرا
١٠ - بمناسبة قوله تعالى: عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ قال ابن كثير: (وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» انفرد بإخراجه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة بإسناده مثله).
[كلمة أخيرة في سورة القمر]
فصلت سورة القمر في صفات الكافرين الذين وصلوا إلى حالة يستوي معهم فيها